قوله تعالى : { إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ } : شرطٌ وجوابُه . وقوله : { وَإِن يَخْذُلْكُمْ } مثلُه ، وهذا التفاتٌ من الغَيْبة إلى الخطاب ، كذا قاله الشيخ ، يعني من الغَيْبة في قوله : { لِنتَ لَهُمْ } و { لاَنْفَضُّواْ } و { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ } . وفيه نظرٌ . وجاء قولُه : { فَلاَ غَالِبَ } جواباً للشرط وهو نفيٌ صريح ، وقولُه { فَمَن ذَا الَّذِي } وهو متضمِّنٌ للنفي جواباً للشرط الثاني تلَطُّفاً بالمؤمنين حيث صَرَّح لهم بعدم الغَلَبةِ في الأولِ ، ولم يُصَرِّحْ لهم بأنه لا ناصِرَ لهم في الثاني ، بل أتى في صورةِ الاستفهامِ وإنْ كان معناه نفياً .
وقوله : { فَمَن ذَا الَّذِي } قد تقدَّم مثلُه في البقرة وأقوالُ الناس فيه . والهاءُ في " مِنْ بعدِه " فيها وجهان ، أحدُهما وهو الأظهر أنها تعودُ على اللهِ تعالى ، وفيه احتمالان ، أحدُهما : أَنْ يكونَ ذلك على حَذْفِ مضافٍ أي : مِنْ بعدِ خِذْلانِه . والثاني : أنه لا يُحتاج إلى ذلك ، ويكون معنى الكلام : إنكم إذا جَوَّزْتموه إلى غيرِه وقد خَذَلكم فَمَنْ تجاوزون إليه وينصُركم ؟ والوجه الثاني : أن تعودَ على الخِذْلان المفهوم من الفعلِ وهو نظيرُ : { اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ } [ المائدة : 8 ] .
وقوله : { وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } إنَّما قَدَّم الجارَّ ليؤذن بالاختصاص أي : ليخُصَّ المؤمنون ربَّهم بالتوكُّل عليه والتفويضِ لعلمهم أنه لا ناصرَ لهم سواه ، وهو معنىً حسن ذكره الزمخشري . وقرأ الجمهور : " ويَخْذُلْكم " بفتح الياء مِنْ " خَذَله " ثلاثياً ، وقرأ عبيد بن عمير : " يُخْذِلْكم " بضمها مِنْ أخذل رباعياً ، والهمزةُ فيه لجَعْل الشيءِ ، أي : يَجْعَلْكم مخذولين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.