فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (160)

إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون 160 وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون161

( إن ينصركم الله ) كما فعل يوم بدر ، والنصر العون جملة مستأنفة لتأكيد التوكل والحث عليه ( فلا غالب لكم ) عمم الخطاب هنا تشريفا للمؤمنين لإيجاب توكلهم عليه ( وإن يخذلكم ) كما فعل يوم أحد ، والخذلان ترك العون أي وان يترك الله عونكم ( فمن ذا الذي ينصركم ) استفهام إنكاري ( من بعده ) الضمير راجع إلى الخذلان المدلول عليه بقوله ( وإن يخذلكم ) أو إلى الله ، وفيه لطف بالمؤمنين حيث صرح لهم بعدم الغلبة في الأول ، ولم يصرح لهم بأنه لا ناصر لهم في الثاني ، بل أتى به في صورة الاستفهام وإن كان معناه نفيا ليكون أبلغ ، ومن علم انه لا ناصر له إلا الله سبحانه وأن من نصره الله لا غالب له ، ومن خذله لا ناصر له فوض أموره إليه وتوكل عليه ، ولم يشتغل بغيره .

( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) لا على غيره ، وتقديم الجار والمجرور على الفعل لإفادة القصر عليه ، وقد وردت في صفة التوكل أحاديث كثيرة صحيحة ، وقد عد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتوكل من سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب كما في مسلم .