غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (160)

151

{ إن ينصركم الله } عن ابن عباس : إن ينصركم كما نصركم يوم بدر فلا يغلبكم أحد { وإن يخذلكم } كما خذلكم يوم أحد { فمن ذا الذي ينصركم من بعده } أي من بعد خذلانه لدلالة الفعل عليه ، أو هو من قولك " ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان " تريد إذا جاوزته . وقيل : إن ينصركم بجذبات العناية فلا غالب لكم من الصفات البشرية ، وإن يخذلكم بترك الجذبات فمن ينصركم بعده من الأنبياء والأولياء ؟ فإنه القادر على الإخراج عن هذا الوجود كما أنه هو القادر على الإدخال فيه . { وعلى الله } وليخص المؤمنون إياه بالتوكل لما علم أن الأمر كله له ولا رادّ لقضائه ولا دافع لبلائه ، ولأن الإيمان يوجب ذلك ويقتضيه . وليس المراد بالتوكل أن يهمل الإنسان حال نفسه بالكلية ويرفض الوسائط والأسباب كما يتصور الجهال وإلا كان الأمر بالمشاورة منافياً للأمر بالتوكل ، وإنما التوكل هو أن يراعي الأسباب الظاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعوّل على عصمة الحق وتأييده وتوفيقه وتسديده .

/خ160