تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (160)

الآية 160 وقوله تعالى{[4541]} { إن ينصركم الله فلا غالب لكم } صدق الله : من كان الله ناصره فلا يغلبه العدو من بعده{[4542]} { وإن يخذلكم } أي يترككم { فمن ذا الذي ينصركم } ؟ والنصر يحتمل وجهين : يحتمل المعونة ويحتمل المنع كقوله تعالى : { وما لهم من ناصرين } ( آل عمران 22و . . . ) وقوله عز وجل { إن ينصركم الله } أي أعانكم الله فلا يغلبكم العدو { وإن يخذلكم فمن } الذي أعانكم سواه ؟ ومن يمنع{[4543]} ؟ أي إن منع الله منكم العدو { فلا غالب لكم وإن يخذلكم } ولم يعنكم فمن الذي أعانكم ؟ ويمنعكم{[4544]} من بعده ؟ والخذلان في الحقيقة هو ترك المأمور منه ما أمل منه واستعمل في هذا كما استعمل الابتلاء على حقيقته .

وقوله تعالى { وعلى الله فليتوكل المؤمنين } هو على الأمر في الحقيقة كأنه قال : وعلى الله فتوكلوا أيها المؤمنون . والتوكل هو الاعتماد عليه وتفويض الأمر إليه لا بالكثرة والأسباب التي يقوم بها من نحو القوة والعدة والنصرة والغلبة وفي الشاهد إنما يكون عند الخلق بثلاث : إما بالكثرة وإما بفضل قوة بطش وإما بفضل تدبير ورأي في أمر الحرب وجميع نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلبته على عدوه إنما كان لا بذلك ولكن بالتوكل عليه وتفويض الأمر إليه دل أن ذلك كان بالله عز وجل وذلك من آيات نبوته صلى الله عليه وسلم .


[4541]:في م عز وجل.
[4542]:في الأصل و م بعد.
[4543]:في الأصل و م المنع.
[4544]:الواو ساقطة من الأصل و م.