الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يَٰلَيۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (27)

قوله تعالى : { وَلَوْ تَرَى } : جوابها محذوف لفَهْمِ المعنى ، التقدير : لرأيت شيئاً عظيماً وهَوْلاً مُفْظِعاً . وحَذْفُ الجواب كثيرٌ في التنزيل وفي النظم ، كقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً } [ الرعد : 31 ] وقول الآخر :

وجَدِّك لو شيءٌ أتانا رسولُه *** سِواك ولكن لم نَجِدْ لك مَدْفَعا

وقوله :

فلو أنها نفسٌ تموتُ جميعةً *** ولكنها نفسٌ تساقَطُ أنفُسَا

وقوله :

كَذَبَ الغواذِلُ لو رَأَيْنَ مُنَاخَنَا *** بحَزيزِ رامةَ والمَطِيُّ سَوَامي

وحَذْفُ الجواب أبلغُ : قالوا : لأنَّ السَّامع تَذْهَبُ نفسُه كلَّ مذهب ، فلو صُرِّح له بالجواب وَطَّن نفسَه عليه فلم يَخْشَ منه [ كثيراً ، ولذلك قال كثير :

فقلتُ لها يا عَزُّ كلُّ مصيبةٍ *** إذا وُطِّنَتْ لها النفسُ ذَلَّتِ ]

و " ترى " يجوز أن تكونَ بَصَريةً ومفعولُها محذوف ، أي : ولو ترى حالَهم ، ويجوز أن تكونَ القلبيةَ ، والمعنى : ولو صَرَفْتَ فكرَك الصحيح لأن تَتَدبَّر حالَهم لازْدَدْتَ يقيناً .

وفي " لو " هذه وجهان ، أظهرهما : أنها الامتناعية فينصرف المضارع بعدها للمضيِّ ، ف " إذ " باقية على أصلها من دلالتها على الزمن الماضي ، وهذا وإن كان لم يقعْ بعدُ لأنه سيأتي يوم القيامة إلا أنه أُبْرِزَ في صورة الماضي لتحَقُّقِ الوعد . والثاني :أنها بمعنى " إنْ " الشرطية " و " إنْ " هنا تكون بمعنى " إذا " والذي حَمَلَ هذا القائلَ على ذلك كونُه لم يقعْ بعدُ ، وقد تقدَّم تأويله .

وقرأ الجمهور : { وُقِفُوا } مبنياً للمفعول من وقف ثلاثياً . و " على " يُحْتمل أن تكونَ على بابها وهو الظاهر أي : حُبِسوا عليها ، وقيل : يجوز أن تكون بمعنى في ، وليس بذاك . وقرأ ابن السَّمَيْفَع وزيد بن علي : " وَقَفوا " مبنياً للفاعل . و " وقف " يتعدَّى ولا يتعدَّى ، وفرَّقَتِ العرب بينهما بالمصدر ، فمصدرُ اللازم على فُعول ، ومصدرُ المتعدِّي على فَعْل ، ولا يقال : أَوْقَفْتُ . قال أبو عمرو بن العلاء : " لم أسمعْ شيئاً في كلام العرب : أوقفت فلاناً ، إلا أَنِّي لو رأيت رجلاً واقفاً فقلت : له : " ما أوقفك ههنا " لكان عندي حسناً " وإنما قال كذلك لأنَّ تعدِّيَ الفعل بالهمزة مقيس نحو : ضحك زيد وأضحكته أنا ، ولكن سَمِعَ غيره في " وقف " المتعدي أوقفته . قال الراغب : " ومنه - يعني من لفظِ وَقَفْتُ القومَ - استُعير وَقَفْتُ الدابة إذا سَبَلْتُها " فَجَعَل الوقفَ حقيقةً في مَنْع المشي وفي التسبيل مجازاً على سبيل الاستعارة ، وذلك أن الشيء المُسْبَل كأنه ممنوع من الحركة ، والوَقْفُ لفظُ مشترك بين ما تقدَّم وبين سِوار من عاج ، ومنه : " حمار مُوَقَّفٌ بأرساغه مِثْلُ الوَقْف من البياض " .

قوله : { يلَيْتَنَا } قد تقدَّم الكلام في " يا " المباشِرة للحرف والفعل .

وقرأ : " ولا نُكَذِّبُ " و " نكونُ " برفعهما نافع وأبو عمرو وابن كثير والكسائي ، وبنصبهما حمزةُ عن عاصم ، وبرفع الأول ونصب الثاني ابن عامر وأبو بكر . ونقل الشيخ عن ابن عامر أنه نصبَ الفعلين ، ثم قال بعد كلام طويل " قال ابن عطية : وقرأ ابن عامر/ في رواية هشام بن عمار عن أصحابه عن ابن عامر : { ولا نكذِّبُ } بالرفع ، و " نكون " بالنصب " . فأما قراءة الرفع فيهما ففيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أن الرفع فيهما على العطف على الفعل قبلهما وهو " نُرَدُّ " ، ويكونون قد تمنَّوا ثلاثة اشياء : الردَّ إلى دار الدنيا ، وعدمَ تكذيبهم بآيات ربهم ، وكونَهم من المؤمنين . والثاني : أن الواو واو الحال ، والمضارع خبر مبتدأ مضمر ، والجملة الاسمية في محصل نصب على الحال من مرفوع " نُرَدُّ " ، والتقدير : يا ليتنا نُرَدُّ غيرَ مكذِّبين وكائنين من المؤمنين ، فيكونُ تمنِّي الرد مقيَّداً بهاتين الحالَيْن ، فيكونُ الفعلان أيضاً داخلَيْن في التمني .

وقد استشكل الناسُ هذين الوجهين : بأن التمني إنشاء ، والإِنشاء لا يدخله الصدق ولا الكذب ، وإنما يدخلان في الإِخبار ، وهذا قد دخله الكذبُ لقوله تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } وقد أجابوا عن ذلك بثلاثة أوجه أحدها - ذكره الزمشخري - قال : " هذا تمنِّ تضمَّنَ معنى العِدَة فجاز أن يدخلَه التكذيبُ كما يقول الرجل : " ليت اللَّهَ يرزقني مالاً فأُحْسِنَ إليك ، وأكافئَك على صنيعك " فهذا مَتَمَنِّ في معنى الواعد ، فلو رُزِق مالاً ولم يُحْسِنْ إلى صاحبه ولم يكافئه كذَّبَ ، وصَحَّ أن يقال له كاذب ، كأنه قال : إن رزقني الله مالاً أحسنت إليك .

والثاني : أن قوله تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } ليس متعلِّقاً بالمتمنَّى ، بل هو مَحْضُ إخبار من الله تعالى بأنهم دَيْدَنهم الكذب وهِجِّيراهم ذلك ، فلم يدخل الكذب في التمني . وهذان الجوابان واضحان ، وثانيهما أوضح .

والثالث : أنَّا لا نُسَلِّم أن التمنِّي لا يَدْخُله الصدق والا الكذب ، بل يدخلانه ، وعُزِي ذلك إلى عيسى بن عمر . واحتجَّ على ذلك بقول الشاعر :

مُنَىً إن تكن حقاً يكنْ أحسنَ المنى *** وإلاَّ فقد عِشنا بها زمناً رغْدا

قال : " وإذا جاز أن توصف المنى بكونها حقاً بجاز أن توصف بكونها باطلاً وكذباً " وهذا الجواب ساقط جداً ، فإن الذي وُصِفَ بالحق إنما هو المنى ، والمُنى جمع مُنْيَة والمُنْيَةُ توصف بالصدق والكذب مجازاً ؛ لأنها كأنها تَعِد النفس بوقوعها فيُقال لِما وقع منها صادق ولِما لم يقع منها كاذب ، فالصدق والكذب إنما دخلا في المُنْيَةِ لا في التمني .

والثالث من الأوجه المتقدمة ان قوله " ولا نكذِّبُ " خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة استنافية لا تعلُّقَ لها بما قبلها ، وإنما عُطِفَتْ هاتان الجملتان الفعليَّتان على الجملة المشتملة على أداة التمني وما في حَيِّزها فليسَتْ داخلةً في التمني أصلاً ، وإنما أخبر الله تعالى عنهم أنهم أَخْبروا عن أنفسهم بأنهم لا يُكَذِّبون بآيات ربهم ، وأنَّهم يكونون من المؤمنين ، فتكون هذه الجملة وما عُطِف عليها في محل نصبٍ بالقول ، كأنَّ التقديرَ : فقالوا : يا ليتنا نُرَدُّ وقالوا : نحن لا نُكَذِّبُ ونكونُ من المؤمنين واختار سيبويه هذا الوجه ، وشبَّهه بقولهم : " دعني ولا أعودُ " أي وأنا لا أعود تركتني أو لم تتركني ، أي : لا أعود على كل حال ، كذلك معنى الآية أَخْبروا أنهم لا يُكَذِّبون بآيات ربهم وأنهم يكونون من المؤمنين على كل حال ، رُدُّوا أو لم يُرَدوا .

وهذا الوجه وإن كان الناسُ قد ذكروه ورجَّحوه واختار سيبويه - كما مرَّ - فن بعضهم استشكل عليه إشكالاً وهو : أنَّ الكذبَ لا يقع في الآخرة فكيف وُصِفوا بأنهم كاذبون في الآخرة في قولهم " ولا نكذِّب ونكون " ؟ وقد أُجيب عنه بوجهين ، أحدهما : أن قوله { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } استيثاقٌ لذَمِّهم بالكذب ، وأن ذلك شأنهم كما تقدَّم ذلك آنفاً . والثاني : أنهم صَمَّموا في تلك الحال على أنهم لو رُدُّوا لَمَا عادوا إلى الكفر لِما شاهدوا من الأهوال والعقوبات ، فأخبر الله تعالى أنَّ قولَهم في تلك الحال : " ولا نكذِّبُ " وإن كان عن اعتقاد وتصميم يتغيَّر على تقدير الرد ووقوع العَوْد ، فيصير قولهم : " ولا نكذب " كذباً ، كما يقول اللص عند ألم العقوبة : " لا أعود " ، ويعتقد ذلك ويصمم عليه ، فإذا خُلِّص وعادَ كان كاذباً .

[ وقد أجاب مكي أيضاً بجوابين ، أحدهما ] قريبٌ مما تقدَّم ، والثاني لغيره ، فقال : " أي : لكاذبون في الدنيا في تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعثَ للحال التي كانوا عليها وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوعَ التكذيب في الآخرة لأنهم ادَّعَوا أنهم لو رُدُّوا لم يكذِّبوا بآيات الله ، فعلمَ اللَّهُ ما لا يكون لو كان كيف يكون ، وأنهم لو رُدُّوا لم يؤمنوا ولكذَّبوا بآيات الله ، فأكذبهم الله في دعواهم " .

وأمَّا نَصْبُهما فبإضمار " أَنْ " بعد الواو التي بمعنى مع ، كقولك : " ليت لي مالاً وأنفقَ منه " فالفعل منصوب بإضمار " أن " و " أنْ " مصدرية ينسبك منها ومن الفعل بعدها مصدرٌ ، والواوُ حرف عطف فيستدعى معطوفاً عليه ، وليس قبلها في الآية إلا فعلٌ فكيف يُعْطَفُ اسمٌ على فعل ؟ فلا جَرَمَ أنَّا نقدِّر مصدراً متوهماً يُعْطَفُ هذا المصدر المنسبك من " أَنْ " وما بعدها عليه ، والتقدير : يا ليتنا لنا رَدُّ وانتفاءُ تكذيب بآيات ربنا وكون من المؤمنين ، أي : ليتنا لنا ردُّ مع هذين الشيئين ، فيكون عدمُ التكذيب والكونُ من المؤمنين مُتَمَنَّيَيْنِ أيضاً ، فهذه الثلاثةُ الأشياءِ : أعني الردَّ وعدمَ التكذيب والكونَ من المؤمنين متمنَّاةٌ بقيد الاجتماع ، لا أنَّ كلَّ واحدٍ متمنَّى وحدَه ؛ لأنه كما قَدَّمْتُ لك : هذه الواوُ شرطُ إضمار " أنْ " بعدها : أن تصلح " مع " في مكانها ، فالنصبُ يُعَيِّنُ أحدَ محتملاِتها في قولك " لا تأكلِ السمك وتشرب اللبن " وشبهه ، والإِشكالُ المتقدم وهو إدخال التكذيب على التمني واردٌ هنا ، وقد تقدم جواب ذلك ، إلا أن بعضَه يتعذَّر ههنا : وهو كون لا نكذِّبُ ، ونكونُ " متسأنَفَيْن سِيقا لمجرد الإِخبار ، فبقي : إمَّا لكون التمني دخله معنى الوعد ، وإمَّا أن قوله تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } ليس راجعاً إلى تمنِّيهم ، وإمَّا لأنَّ التمنِّي يدخله التكذيب ، وقد تقدَّم فساده .

وقال ابن الأنباري : " أَكْذَبَهم في معنى التمني ؛ لأن تمنِّيَهم راجعٌ إلى معنى : " نحن لا نكذِّب إذا رُدِدْنا " فغلَّب عزَّ وجل تأويلَ الكلام فأكذبهم ، ولم يُسْتعمل لفظ التمني " وهذا الذي قاله ابن الأنباري تقدَّم معناه بأوضح من هذا . قال الشيخ : " وكثيراً ما يوجد في كتب النحو أنَّ هذه الواوَ المنصوبُ بعدها هو على جواب التمني ، كما قال الزمخشري : " وقرئ : ولا نكذِّبَ ونكونَ بالنصب بإضمار أَنْ على جواب التمني ، ومعناه : إنْ رُدِدْنا لم نكذِّبْ ونكنْ من المؤمنين " . قال : " وليس كما ذكر ، فإنَّ نَصْبَ الفعل بعد الواو ليس على جهة الجواب ؛ لأنَّ الواوَ لا تقع [ في ] جواب الشرط فلا ينعقد ممَّا قبلها ولا ممَّا بعدها شرط وجواب ، وإنما هي واو " مع " يُعْطَفُ ما بعدها على المصدر المتوهَّم قبلها ، وهي واو العطف يتعيَّنُ مع النصب أحدُ محامِلها الثلاثة : وهي المعيَّةُ ويُمَيِّزها من الفاء تقديرُ " مع " موضعها ، كما أن فاء الجواب إذا كان بعدها فعلٌ منصوب ميِّزها تقدير شرطٍ قبلها أو حال مكانها . وشُبْهَةُ مَنْ قال إنها جواب أنها تنصب في المواضع التي تنصب فيها الفاء فتوهَّم أنها جواب . وقال سيبويه : " والواو تنصب ما بعدها في غير الواجب من حيث انتصب ما بعد الفاء ، والواو والفاء معناهما مختلفان ، ألا ترى :

لا تَنْهَ عن خلق وتأتيَ مثله *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لو دخلت الفاءُ هنا لأفسدت المعنى ، وإنما أراد : لا تجمع النهيَ والإِتيان وتقول : " لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبن " لو أَدْخَلْتَ الفاء فَسَدَ المعنى " قال الشيخ : " ويوضِّح لك أنها ليست بجوابٍ انفرادُ الفاءِ دونها بأنها إذا حُذِفت انجزم الفعلُ بعدها بما قبلها لِما تضمَّنه من معنى الشرط إلا في النفي ، فإن ذلك لا يجوز " . قلت : قد سبق الزمخشري إلى هذه العبارة أبو إسحاق الزجاج شيخُ الجماعة . قال أبو إسحاق : " نصبٌ على الجواب بالواو في التمني كما تقول : " ليتك تصير إلينا ونكرمَك " المعنى : ليت مصيرَك يقع وإكرامَنا ، ويكون المعنى : ليت ردَّنا وقع وأن لا نكذِّب " .

وأمَّا كونُ الواو ليست بمعنى الفاء فصحيحٌ ، على ذلك جمهورُ النحاة . إلى أني رأيت أبا بكر ابن الأنباري خرَّج النصب على وجهين ، أحدهما : أن الواو بمعنى الفاء . قال أبو بكر : " في نصب " نكذِّبَ " وجهان ، أحدهما : أن الواو مُبْدَلةٌ من الفاء ، والتقدير : يا ليتنا نُرَدُّ فلا نكذِّبَ ونكونَ ، فتكون الواو هنا بمنزلة الفاء في قوله : { لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }

[ الزمر : 58 ] يؤكد هذا قراءةُ ابنِ مسعود وابن أبي إسحاق : " يا ليتنا نردُّ فلا نكذبَ " بالفاء منصوباً . والوجه الآخر : النصب على الصرف ومعناه الحال ، أي : يا ليتنا نُرَدُّ غيرَ مكذِّبين/ .

وأمَّا قراءة ابن عامر - برفع الأول ونصب الثاني - فظاهرةٌ بما تقدَّم ؛ لأنَّ الأولَ يرتفع على حدِّ ما تقدَّم من التأويلات ، وكذلك نصبُ الثاني يتخرَّج على ما تقدَّم ، ويكون قد أدخل عدم التكذيب في التمني أو استأنفه ، إلا أنَّ المنصوبَ يحتمل أن يكون من تمام قوله " نُرَدُّ " أي : تَمَنَّوا الردَّ مع كونهم من المؤمنين ، وهذا ظاهر إذا جَعَلْنا " ولا نكذِّب " معطوفاً على " نردُّ " أو حالاً منه . وأما إذا جَعَلْنا " ولا نكذِّبُ " مستأنفاً فيجوز ذلك أيضاً ولكن على سبيل الاعتراض ، ويحتمل أن يكونَ من تمامِ " ولا نكذِّب " أي : لا يكونُ منا تكذيب مع كوننا من المؤمنين ، ويكون قوله " ولا نكذب " حينئذ على حاله ، أعني مِنْ احتماله العطفَ على " نُرَدُّ " أو الحالية أو الاستئناف ، ولا يخفى حينئذٍ دخولُ كونِهم مع المؤمنين في التمني وخروجُه منه بما قرَّرْتُه لك .

وقُرئ شاذاً عكسَ قراءة ابن عامر ، أي : بنصب " نكذبَ " ورفع " نكون " وتخريجها على ما تقدم ، إلا أنها يضعف فيها جَعْلُ " ونكونُ من المؤمنين " حالاً لكونه مضارعاً مُثْبَتاً إلا بتأويل بعيد كقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** نَجَوْتُ وأَرْهَنُهم مالكاً

أي : وأنا أَرْهَنُهم ، وقولهم : " قمتُ وأصكُّ عينه " ، ويدل على حذف هذا المبتدأ قراءةُ أُبيٍّ : " ونحن نكونُ من المؤمنين " .