تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يَٰلَيۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (27)

الآية 27 وقوله تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا على النار } عن الحسن [ أنه ]{[6986]} قال : سترى { إذ وقفوا على النار } وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه : ولو ترى إذ عرضوا على النار . وكذلك في { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } [ الأنعام : 30 ] إذ عرضوا على ربهم . ولولا ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه وقفوا : عرضوا على الناس ، لجاز{[6987]} أن يحمل قوله تعالى : { إذ وقفوا على النار } أي عند النار أو في النار : على مكان عند أو مكان في . وفي ذلك جائز في اللغة . ولكن ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أغنانا{[6988]} عن ذلك .

ثم يحتمل ، والله أعلم ، أن يكون هذا صلة [ قوله تعالى ]{[6989]} { إن هذا إلا أساطير الأولين } [ الأنعام : 25 ] وهكذا الواجب على كل أحد أن يرحم عدوه إذا كان عاقبته النار والتخلد فيها ، وألا يطلب الانتقام منه بما كان منه بمكانه أو أن يقال : ولو تراهم { إذ وقفوا على النار } من الذل والخضوع لرحمته بما كان منهم من التكبر والاستكبار في الدنيا ، وهو كقوله تعالى : { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم } [ السجدة : 12 ] الآية ، أخبر عن ذلهم وخضوعهم في الآخرة بما كان منهم في الدنيا من الاستكبار والاستنكاف . فعلى ذلك يخبر نبيه عما يصيبهم من الذل بتكبرهم في الدنيا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين } تمنوا عند معاينتهم العذاب العود والرد .

ثم فيه دليلان :

أحدهما : أنهم عرفوا أن ما أصابهم بتكذيبهم الآيات وتركهم الإيمان حين قالوا : { يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا } .

والثاني : أن الإيمان هو التصديق الفرد لا غير لأنهم فزعوا عند معاينتهم العذاب ، تمنوا الرد والعود إلى الدنيا أن يكونوا من المؤمنين ، لم يفزعوا إلى شيء آخر من الخيرات . دل أن الإيمان هو التصديق الفرد لا غير ، وأنه ضد التكذيب . والتكذيب هو فرد . فعلى ذلك التصديق .


[6986]:- ساقطة في الأصل وم.
[6987]:- في الأصل وم: وإلا يجوز.
[6988]:- في الأصل وم: أقنعنا.
[6989]:- ساقطة من الأصل وم.