الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبۡعَثَنَّ عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (167)

قوله تعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ } : تَأَذَّن : فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه بمعنى آذَنَ أي : أَعْلَمَ . قال الواحديُّ : " وأكثرُ أهل اللغة على أنَّ التأذُّن بمعنى الإِيذان وهو الإِعلامُ . قال الفارسي : " آذن " أَعْلَمَ ، وأذَّن : نادى وصاح للإِعلام ومنه قوله تعالى : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ } [ الأعراف : 44 ] . قال : " وبعض العرب يُجْري آذَنْتُ مجرى تأذَّنْتُ ، فيجعل آذن وتأذَّن بمعنى ، فإذا كان أذَّن أعلم في لغة بعضهم فأذَّن : تفعَّل مِنْ هذا . وقيل : إن معناه حَتَّم وأوجب " . وقال الزمخشري : " تأذَّن : عَزَم ربك ، وهو تَفَعَّل من الإِيذان وهو الإِعلامُ ، لأن العازمَ على الأمر يحدِّث به نفسَه ويُؤْذِنُها بفعله ، وأُجْري مُجْرى فعل القسم ك عَلِمَ الله وشهد الله ، ولذلك اُجيب بما يُجاب به القسم وهو : " ليبعثَنَّ " . وقال الطبري وغيرُه : " تَأَذَّن معناه أَعْلَمَ " وهو قلقٌ مِنْ جهة التصريف إذ نسبةُ " تأذَّن " إلى الفاعلِ غيرُ نسبة أعلم ، وبين ذلك فرقٌ بين التعدي وغيره .

قوله : { إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } فيه وجهان أحدُهما : أنه متعلقٌ ب " يَبْعَثَنَّ " وهذا هو الصحيحُ . والثاني : أنه متعلقٌ ب " تأذَّن " نقله أبو البقاء . ولا جائزٌ أن يتعلق بيُسومهم لأن مَنْ : إمَّا : موصولةٌ وإمَّا موصوفةٌ ، والصلةُ والصفة لا يعملان فيما قبل الموصول والموصوف .