وكونه ، عليه السلام ، { أولى بالمؤمنين من أنفسهم } : أي أرأف بهم وأعطف عليهم ، إذ هو يدعوهم إلى النجاة ، وأنفسهم تدعوهم إلى الهلاك .
ومنه قوله ، عليه السلام : « أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها تقحم الفراش » ومن حيث ينزل لهم منزلة الأب .
وكذلك في محصف أبي ، وقراءة عبد الله : { وأزواجه أمهاتهم } : وهو أب لهم ، يعني في الدين .
وقال مجاهد : كل نبي أبو أمته .
وقد قيل في قول لوط عليه السلام : هؤلاء بناتي ، إنه أراد المؤمنات ، أي بناته في الدين ؛ ولذلك جاء : { إنما المؤمنون إخوة } أي في الدين .
وعنه عليه السلام : « ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة .
واقرأوا إن شئتم : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } ، فأيما مؤمن هلك وترك مالاً ، فليرثه عصبته من كانوا ؛ وإن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي » قيل : وأطلق في قوله تعالى : { أولى بالمؤمنين } : أي في كل شيء ، ولم يقيد .
فيجب أن يكون أحب إليهم من أنفسهم ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، وحقوقه آثر ، إلى غير ذلك مما يجب عليهم في حقه . انتهى .
ولو أريد هذا المعنى ، لكان التركيب : المؤمنون أولى بالنبي منهم بأنفسهم .
{ وأزواجه أمهاتهم } : أي مثل أمهاتهم في التوقير والاحترام .
وفي بعض الأحكام : من تحريم نكاحهن ، وغير ذلك مما جرين فيه مجرى الأجانب .
وظاهر قوله : { وأزواجه } : كل من أطلق عليها أنها زوجة له ، عليه السلام ، من طلقها ومن لم يطلقها .
وقيل : لا يثبت هذا الحكم لمطلقة .
وقيل : من دخل بها ثبتت حرمتها قطعاً .
وهمَّ عمر برجم امرأة فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونكحت بعده ، فقالت له : ولم هذا ، وما ضرب علي حجاباً ، ولا سميت للمسلمين أماً ؟ فكف عنها .
كان أولاً بالمدينة ، توارث بأخوة الإسلام وبالهجرة ، ثم حكى تعالى بأن أولي الأرحام أحق بالتوارث من الأخ في الإسلام ، أو بالهجرة في كتاب الله ، أي في اللوح المحفوظ ، أو في القرآن من المؤمنين والمهاجرين ، أي أولى من المؤمنين الذين كانوا يتوارثون بمجرد الإيمان ، ومن المهاجرين الذين كانوا يتوارثون بالهجرة .
وهذا هو الظاهر ، فيكون من هنا كهي في : زيد أفضل من عمرو .
وقال الزمخشري : يجوز أن يكون بياناً لأولي الأرحام ، أي الأقرباء من هؤلاء ، بعضهم أولى بأن يرث بعضاً من الأجانب . انتهى .
والظاهر عموم قوله : { إلى أوليائكم } ، فيشمل جميع أقسامه ، من قريب وأجنبي ، مؤمن وكافر ، يحسن إليه ويصله في حياته ، ويوصي له عند الموت ، قاله قتادة والحسن وعطاء وابن الحنفية .
وقال مجاهد ، وابن زيد ، والرماني وغيره : { إلى أوليائكم } ، مخصوص بالمؤمنين .
وسياق ما تقدم في المؤمنين يعضد هذا ، لكن ولاية النسب لا تدفع في الكافر ، إنما تدفع في أن تلقي إليه بالمودة ، كولي الإسلام .
وهذا الاستثناء في قوله : { إلا أن تفعلوا } هو مما يفهم من الكلام ، أي : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } في النفع بميراث وغيره .
وعدى بإلى ، لأن المعنى : إلا أن توصلوا إلى أوليائكم ، كان ذلك إشارة إلى ما في الآيتين .
{ في الكتاب } : إما اللوح ، وإما القرآن ، على ما تقدم .
{ مسطوراً } : أي مثبتاً بالأسطار ، وهذه الجملة مستأنفة كالخاتمة ، لما ذكر من الأحكام ، ولما كان ما سبق أحكام عن الله تعالى ، وكان فيها أشياء مما كانت في الجاهلية ، وأشياء في الإسلام نسخت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.