( فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان أردنا إلا احسانا وتوفيقا62 ) .
( فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ) متصل بما قبله مبين غائلة جنايتهم المحكية ووخامة عاقبتها . أي كيف يكون حالهم إذا ساقتهم التقادير اليك ، في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم ، التي منها المحاكمة إلى الطاغوت والكراهة لحكمك ، واحتاجوا إليك في ذلك ( ثم جاؤوك ) للاعتذار عما صنعوا من القبائح ( يحلفون بالله ) كذبا ( ان أردنا ) أي ما أردنا بذلك التحاكم ( الا احسانا ) أي فصلا بالوجه الحسن ( وتوفيقا ) بالصلح بين الخصمين . ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك . فلا تؤاخذنا بما فعلنا . وهذا وعيد لهم على ما فعلوا . وأنهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم . ولا يغني عنهم الاعتذار .
قال الرازي : ذكروا في تفسير قوله تعالى : ( أصابتهم مصيبة ) وجوها :
الأول : ان المراد منه قتل عمر صاحبهم الذي أقر أنه لا يرضى بحكم الرسول عليه السلام . فهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فطالبوا عمر بدمه . وحلفوا أنهم ما أرادوا بالذهاب إلى غير الرسول إلا المصلحة . وهذا اختيار الزجاج .
/ قلت : واختياره غير مختار . لأن قصة قتل عمر لم ترو من طريق صحيح ولا حسن . فهي ساقطة عند المحققين . واستدلال الحاكم ، الذي قدمناه ، مسلم . لو صحت .
الثاني : قال أبو علي الجبائي : المراد من هذه المصيبة ما أمر الله تعالى الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه لا يستصحبهم في الغزوات . وأنه يخصهم بمزيد الاذلال والطرد عن حضرته . وهو قوله تعالى : ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين ، أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا ){[1937]} وقوله : ( فقل لن تخرجوا معي أبدا ){[1938]} وبالجملة ، فأمثال هذه الآيات توجب لهم الذل العظيم . فكانت معدودة في مصائبهم . وانما يصيبهم ذلك لأجل نفاقهم .
الثالث : قال أبو مسلم الأصفهاني : انه تعالى لما أخبر عن المنافقين أنهم رغبوا في حكم الطاغوت وكرهوا حكم الرسول ، بشر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ستصيبهم مصائب تلجئهم إليه والى أن يظهروا له الإيمان به ، والى أن يحلفوا بأن مرادهم الاحسان والتوفيق . قال : ومن عادة العرب عند التبشير والانذار أن يقولوا : كيف أنت إذا كان كذا وكذا ؟ ومثاله . قوله تعالى : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ){[1939]} وقوله : ( فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ) {[1940]} . ثم أمره تعالى ، إذا كان منهم ذلك ، أن يعرض عنهم ويعظهم . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.