الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَكَيۡفَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّآ إِحۡسَٰنٗا وَتَوۡفِيقًا} (62)

قوله : ( فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ ) الآية [ 62 ] .

معنى : كيف في هذا : الاستفهام ، ولها معان أخرى( {[12790]} ) .

تكون بمعنى التحذير ، والتخويف نحو قوله ( فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ )( {[12791]} ) .

وتكون بمعنى الجحود فتتبعها إلى نحو قوله ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ ) ألا ترى بعده ( إِلاَّ الذِينَ )( {[12792]} ) تقديره ما يكون للمشركين عهد .

وتكون كيف استفهام بمعنى التوبيخ والتعجب ، نحو قوله ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمُ أَمْوَاتاً )( {[12793]} ) ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمُ ءَايَاتُ اللَّهِ ) وتكون تنبيهاً نحو قوله : ( انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا )( {[12794]} ) ، ( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الاَمْثَالَ )( {[12795]} ) .

وتكون توكيداً لما قبلها ، وتحقيقاً له ، نحو قوله( {[12796]} ) : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ )( {[12797]} ) فهذا كله من تفسير الكوفيين النحويين وهو صحيح( {[12798]} ) .

والمعنى كيف يكون حال هؤلاء الذين يتحاكمون إلى الطاغوت ويزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ، ويمتنعون أن يأتوا حكمك إذا أصابتهم مصيبة أي : نزلت بهم نقمة من الله تعالى ( بِمَا قَدَّمَتَ اَيْدِيهِمْ ) أي : بذنوبهم التي تلفت منهم ( ثُمَّ جَاءُوكَ ) حالفين بالله ( إِنَ اَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً )( {[12799]} ) .

أخبر الله عنهم أنهم لا يردعهم عن النفاق : والعبر( {[12800]} ) والعبر( {[12801]} ) والنقمات وأنهم إذا أصابتهم مصيبة بذنوبهم أخذوا يحلفون كاذبين أنا لم نرد إلا الإحسان والتوفيق أي : لم نرد باحتكامنا إلى الكاهن إلا الإحسان من بعضنا البعض ، ولم يرجعوا إلى التوبة والاعتراف .

وقيل( {[12802]} ) : أنهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم في أمر القتيل الذي قتله عمر وحلفوا ، أنا ما أردنا بطلب الدم إلا إحساناً وموافقة الحق .


[12790]:- انظر: الكتاب 5/346، والمقتضب 4/134، والمغني 224.
[12791]:- النمل آية 53.
[12792]:- التوبة آية 7.
[12793]:- البقرة آية 27.
[12794]:- آل عمران آية 101.
[12795]:- الإسراء آية 21.
[12796]:- الإسراء آية 48.
[12797]:- ساقط من (أ).
[12798]:- النساء آية 41.
[12799]:- انظر: الإنصاف 2/463.
[12800]:- انظر: جامع البيان 5/156.
[12801]:- كذا.. وصوابه العبر بدون واو وهي رواية الطبري 5/156.
[12802]:- انظر: معاني الزجاج 2/69.