{ وكذلك أوحينا } : أي مثل ذلك الإيحاء الفصل أوحينا إليك ، إذ كان عليه الصلاة والسلام اجتمعت له الطرق الثلاث : النفث في الروع ، والمنام ، وتكليم الله له حقيقة ليلة الإسراء ، وإرسال رسول إليه ، وهو جبريل .
وقيل : كما أوحينا إلى الأنبياء قبلك ، { أوحينا إليك روحاً من أمرنا } .
وقال السدي : الوحي ؛ وقال قتادة : رحمة ؛ وقال الكلبي : كتاباً ؛ وقال الربيع : جبريل ؛ وقيل : القرآن ؛ وسمى ما أوحى إليه روحاً ، لأن به الحياة من الجهل .
وقال مالك بن دينار : يا أهل القرآن ، ماذا زرع القرآن في قلوبكم ؟ فإن القرآن ربيع القلوب ، كما أن العشب ربيع الأرض .
{ ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } : توقيف على عظم المنة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بها ، وعطف ولا الإيمان على ما الكتاب ، وإنما معناه : الإيمان الذي يدركه السمع ، لأن لنا أشياء من الإيمان لا تعلم إلا بالوحي .
أما توحيد الله وبراءته عن النقائص ، ومعرفة صفاته العلا ، فجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عالمون ذلك ، معصومون أن يقع منهم زلل في شيء من ذلك ، سابق لهم علم ذلك قبل أن يوحي إليهم .
وقد أطلق الإيمان على الصلاة في قوله : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } إذ هي بعض ما يتناوله الإيمان .
ومن طالع سير الأنبياء من نشأتهم إلى مبعثهم ، تحقق عنده أنهم معصومون من كل نقيصة ، موحدون لله منذ نشأوا .
قال الله تعالى في حق يحي عليه السلام : { وآتيناه الحكم صبياً } قال معمر : كان ابن سنتين أو ثلاث .
وعن أبي العالية : ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن ، ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان .
وقال القاضي : { ولا الإيمان } : الفرائض والأحكام .
قال : وكان قبل مؤمناً بتوحيد الله ، ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل ، فزاد بالتكليف إيماناً .
وقال القشيري : يجوز إطلاق الإيمان على تفاصيل الشرع .
وقال الحسين بن الفضل : هو على حذف مضاف ، أي ولا أ هل الإيمان من الذي يؤمن أبو طالب أو العباس أو غيرهما .
وقال علي بن عيسى : إذ كنت في المهد .
وقيل : ما الكتاب لولا إنعامنا عليك ، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك .
وقيل : أي كنت من قوم أميين لا يعرفون الإيمان ولا الكتاب ، فتكون أخذت ما جئتهم به عمن كان يعلم ذلك منهم .
ما الكتاب : جملة استفهامية مبتدأ وخبر ، وهي في موضع نصب بتدري ، وهي معلقة .
{ ولكن جعلناه نوراً } : يحتمل أن يعود إلى قوله : { روحاً } ، وإلى { كتاب } ، وإلى { الإيمان } ، وهو أقرب مذكور .
وقال ابن عطية : عائد على الكتاب . انتهى .
وقيل : يعود إلى الكتاب والإيمان معاً لأن مقصدهما واحد ، فهو نظير : { والله ورسله أحق أن يرضوه } وقرأ الجمهور : { لتهدي } ، مضارع هدى مبنياً للفاعل ؛ وحوشب : مبنياً للمفعول ، إجابة سؤاله عليه الصلاة والسلام : { إهدنا الصراط المستقيم } وقرأ ابن السميفع : لتهدي بضم التاء وكسر الدال ؛ وعن الجحدري مثلها ومثل قراءة حوشب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.