الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (9)

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { إن زعمتم أنكم أولياء لله } قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وفي قوله : { ولا يتمنونه أبداً ، بما قدمت أيديهم } قال : عرفوا أن محمداً نبي الله فكتموه ، وقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة { ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم } قال : إن سوء العمل يكره الموت شديداً .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن معمر قال : تلا قتادة { ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة } قال : إن الله أذل ابن آدم بالموت لا أعلمه إلا رفعه .

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } الآية .

أخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قلت يا نبي الله لأي شيء سمي يوم الجمعة ؟ قال : «لأن فيها جمعت طينة أبيكم آدم ، وفيها الصعقة والبعثة ، وفي آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا فيها بدعوة استجاب له » .

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتدري ما يوم الجمعة ؟ » قال : الله ورسوله أعلم . قالها ثلاث مرات ، ثم قال في الثالثة : «هو اليوم الذي جمع فيه أبوكم آدم أفلا أحدثكم عن يوم الجمعة لا يتطهر رجل فيحسن طهوره ، ويلبس أحسن ثيابه ، ويصيب من طيب أهله ، إن كان لهم طيب ، وإلا فالماء ثم يأتي المسجد فيجلس وينصت حتى يقضي الإِمام صلاته إلا كانت كفارة ما بين الجمعة ما اجتنيت الكبائر ، وذلك الدهر كله » .

وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي لبابة بن عبد المنذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله ، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى ، وفيه خمس خصال : خلق الله فيه آدم ، وأهبط فيه إلى الأرض ، وفيه توفى الله آدم ، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئاً إلا أعطاه الله ما لم يسأل حراماً ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك ولا أرض ولا سماء ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة » .

وأخرج أحمد وابن مردويه عن سعد بن عبادة أن رجلاً من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير ؟ قال : «فيه خمس خصال : فيه خلق آدم ، وفيه أهبط آدم ، وفيه توفى الله آدم ، وفيه ساعة لا يسأل الله شيئاً إلا آتاه إياه ما لم يسأل مأثماً أو قطيعة رحم ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبل ولا ريح إلا يشفقن من يوم الجمعة » .

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : «في سبعة أيام يوم اختاره الله على الأيام كلها يوم الجمعة ، فيه خلق الله السموات والأرض ، وفيه قضى الله خلقهن ، وفيه خلق الله الجنة والنار ، وفيه خلق آدم ، وفيه أهبطه من الجنة وتاب عليه ، وفيه تقوم الساعة ليس شيء من خلق إلا وهو يفزع من ذلك اليوم شفقة أن تقوم الساعة إلا الجن والإِنس » .

وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئاتها ، ويبعث الجمعة زهراء منيرة لأهلها يحفون بها كالعروس يهدي إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ، ألوانها كالثلج بياضهم ، رياحهم تسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ما يطرفون تعجباً حتى يدخلوا الجنة ، لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سيد الأيام يوم الجمعة » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدارمي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : لم تطلع الشمس في يوم هو أعظم من يوم الجمعة إنها إذا طلعت فزع لها كل شيء إلا الثقلان اللذان عليهما الحساب والعذاب .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : إن يوم الجمعة لتفزع له الخلائق إلا الجن والإِنس وأنه ليضاعف فيه الحسنة والسيئة ، وإنه ليوم القيامة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : الحسنة تضاعف يوم الجمعة .

وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عمر قال : «نزل جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي يده شبه مرآة فيها نكتة سوداء ، فقال يا جبريل : ما هذه ؟ قال : هذه الجمعة » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء فيها كالنكتة السوداء ، فقلت يا جبريل : ما هذه ؟ قال : هذه الجمعة ، قلت : وما الجمعة ؟ قال : لكم فيها خير ، قلت : وما لنا فيها ؟ قال : تكون عيداً لك ولقومك من بعدك ، وتكون اليهود والنصارى تبعاً لك . قلت : وما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها شيئاً من الدنيا والآخرة هو لكم قسم إلا أعطاه إياه ، وليس له بقسم إلا ادخر له عنده ما هو أفضل منه ، أو يتعوّذ به من شر هو عليه مكتوب إلا صرف عنه من البلاء ما هو أعظم منه ، قلت له : وما هذه النكتة فيها ؟ قال : هي الساعة ، وهي تقوم يوم الجمعة ، وهو عندنا سيد الأيام ، ونحن ندعوه يوم القيامة ، يوم المزيد ، قلت : مم ذاك ؟ قال : لأن ربك اتخذ في الجنة وادياً من مسك أبيض ، فإذا كان يوم القيامة هبط من عليين على كرسيه ، ثم حف الكرسي بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر ، ثم يجيء النبيون حتى يجلسوا عليها ، وينزل أهل الغرف حتى يجلسوا على ذلك الكثيب ، ثم يتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى ثم يقول : سلوني أعطكم ، فيسألونه الرضا فيقول : رضاي أحلكم داري وأنا لكم كريم ، متى تسألوني أعطكم ، فيسألونه الرضا فيشهدهم أني قد رضيت عنهم ، فيفتح لهم ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ، وذلكم مقدار انصرافكم من يوم الجمعة ، ثم يرتفع ويرتفع معه النبيون والصديقون والشهداء ، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم ، وهي درة بيضاء ليس فيها وصم ولا فصم ، أو درة حمراء ، أو زبرجدة خضراء فيها غرفها وأبوابها مطروزة ، وفيها أنهارها وثمارها متدلية ، قال : فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا إلى ربهم نظراً ، وليزدادوا منه كرامة » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن في الجمعة لساعة ما دعا الله فيها عبد مسلم بشيء إلا استجاب له » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «في الجمعة ساعة من النهار لا يسأل العبد فيها شيئاً إلا أعطي سؤله ، قيل : أي ساعة هي ؟ قال : هي أن تقام الصلاة إلى الانصراف فيها » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن يوم الجمعة مثل يوم عرفة ، تفتح فيه أبواب الرحمة ، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد شيئاً إلا أعطاه ، قيل وأي ساعة ؟ قال : إذا أذن المؤذن لصلاة الغداة .

وأخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن يوم الجمعة مثل يوم عرفة ، وإن فيه لساعة تفتح أبواب الرحمة ، فقيل : أي ساعة ؟ قالت : حين ينادي بالصلاة .

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عطاء عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم قالا : الساعة التي تذكر في الجمعة ، قال : فقلت : هي الساعة اختار الله لها أوفى فيها الصلاة ، قال : فمسح رأسي وبرك عليّ وأعجبه ما قلت .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة قال : إني لأرجو أن تكون الساعة التي في الجمعة إحدى هذه الساعات إذا أذن المؤذن أو جلس الإِمام على المنبر ، أو عند الإِقامة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : هي عند زوال الشمس .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : هي ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بردة قال : إن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة حين يقوم الإِمام في الصلاة حتى ينصرف منها .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف بن حصيرة في الساعة التي ترجى في الجمعة ما بين خروج الإِمام إلى أن تقضى الصلاة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : إن الساعة التي ترجى في الجمعة بعد العصر .

وأخرج ابن أبي شيبة عن هلال بن يسار قال : قال رسول الله : «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه ، فقال رجل : يا رسول الله ماذا أسأله ؟ قال : سل الله العافية في الدنيا والآخرة » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهوره وادهن من دهنه أو مس طيباً من بيته ، ثم راح فلم يفرق بين اثنين ، ثم صلى ما كتب الله له ، ثم أنصت إذا تكلم الإِمام إلا غفر له ما بينه إلى الجمعة الأخرى » .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن السائب بن يزيد قال : كان النداء الذي ذكر الله في القرآن يوم الجمعة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعامة خلافة عثمان أن ينادي المنادي إذا جلس الإِمام على المنبر ، فلما تباعدت المساكن وكثر الناس أحدث النداء الأول ، فلم يعب الناس ذلك عليه ، وقد عابوا عليه حين أتم الصلاة بمنى ، قال : فكنا في زمان عمر نصلي ، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر قطعنا الصلاة وتحدثنا ، فربما أقبل عمر على بعض من يليه فسألهم عن سوقهم وقد أمهم والمؤذن يؤذن ، فإذا سكت المؤذن قام عمر فتكلم ولم يتكلم حتى يفرغ من خطبته .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } قال : هو الوقت .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } قال : النداء عند الذكر عزمة .

وأخرج أبو الشيخ في كتاب الأذان عن ابن عباس قال : الأذان نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرض الصلاة { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سيرين قال : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة ، قالت الأنصار : لليهود يوم تجمعون فيه كل سبعة أيام ، والنصارى مثل ذلك ، فهلم فلنجعل يوماً نجتمع فيه ، فنذكر الله ونشكره ، فقالوا : يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى ، فاجعلوه يوم العروبة ، وكانوا يسمون الجمعة يوم العروبة ، فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين ، وذكرهم ، فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها ، وذلك لقلتهم ، فأنزل الله في ذلك بعد { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } الآية .

وأخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : أذن النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة قبل أن يهاجر ، ولم يستطع أن يجمع بمكة ، فكتب إلى مصعب بن عمير «أما بعد ، فأنظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور فأجمعوا نسائكم وأبناءكم ، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين » قال : فهو أول من جمع حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجمع بعد الزوال من الظهر وأظهر ذلك .

وأخرج أبو داود وابن ماجة وابن حبان والبيهقي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن أباه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم على أسعد بن زرارة ، فقلت له يا أبتاه أرأيت استغفارك لأسعد بن زرارة كلما سمعت الآذان للجمعة ما هو ؟ قال : إنه أول من جمع بنا في نقيع يقال له نقيع الخضمات من حرة بني بياضة . قلت : كم كنتم يومئذٍ ؟ قال : أربعون رجلاً .

وأخرج الطبراني عن أبي مسعود الأنصاري قال : أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير وهو أول من جمع بها يوم الجمعة بهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجلاً .

وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن ابن شهاب قال : ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة من قباء ، فمر على بني سالم ، فصلى فيهم الجمعة ببني سالم ، وهو المسجد الذي في بطن الوادي ، وكانت أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن ماجة عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : «إن الله افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا ، في يومي هذا ، في شهري هذا ، في عامي هذا ، إلى يوم القيامة ، فمن تركها استخفافاً بها أو جحوداً لها فلا جمع الله له شمله ، ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ولا زكاة له ، ولا حج له ، ولا صوم له ، ولا بركة له ، حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر وابن عباس قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على أعواد المنبر : «لينتهين أقوام عن ترك الجمعة والجماعات ، أو ليطمسن الله على قلوبهم وليكتبن من الغافلين » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سمرة بن جندب مرفوعاً «من ترك الجمعة من غير عذر طمس على قلبه » .

وأخرج أحمد والحاكم عن أبي قتادة مرفوعاً «من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه » .

وأخرج النسائي وابن ماجة وابن خزيمة من حديث جابر مثله .

وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي الجعد الضمري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذر فهو منافق » .

وأخرج أبو يعلى والمروزي في الجمعة من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم «سيد الأيام عند الله يوم الجمعة ، أعظم من يوم النحر والفطر ، وفيه خمس خلال : خلق آدم فيه ، وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض ، وتوفي فيه آدم ، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها ربه إلا أعطاه ، ما لم يسأل حراماً ، وفيه تقوم الساعة » .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ميمون بن أبي شعيب قال : أردت الجمعة في زمن الحجاج ، فتهيأت للذهاب ، ثم قلت : أين أذهب أصلي خلف هذا ، فقلت مرة أذهب ومرة لا أذهب ، فأجمع رأيي على الذهاب ، فناداني منادٍ من جانب البيت { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } .

قوله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } الآية .

أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر قال : رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } فقال : من أملى عليك هذا ؟ قلت : أبيّ بن كعب . قال : إن أبياً أقرؤنا للمنسوخ قرأها «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قيل لعمر : إن أبياً يقرأ { فاسعوا إلى ذكر الله } قال عمر : أبيّ أعلمنا بالمنسوخ ، وكان يقرأها «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرأها قط إلا «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمر قال : لقد توفي عمر وما يقول هذه الآية التي في سورة الجمعة إلا «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرق عن ابن مسعود أنه كان يقرأ «فامضوا إلى ذكر الله » قال : ولو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي .

وأخرج عبد الرزاق والطبراني عن قتادة قال في حرف ابن مسعود : «فامضوا إلى ذكر الله » وهو كقوله : { إن سعيكم لشتى } [ الليل : 4 ] .

وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي العالية عن أبيّ بن كعب وابن مسعود أنهما كانا يقرآن «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقرأها «فامضوا إلى ذكر الله » .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : { فاسعوا إلى ذكر الله } قال : فامضوا .

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن قوله : { فاسعوا إلى ذكر الله } قال : ما هو بالسعي على الأقدام ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع .

وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الإِيمان عن قتادة في قوله : { فاسعوا إلى ذكر الله } قال : السعي أن تسعى بقلبك وعملك ، وهو المضي إليها . قال الله : { فلما بلغ معه السعي } [ الصافات : 102 ] قال : لما مشى مع أبيه .

وأخرج عبد بن حميد عن ثابت قال : كنا مع أنس بن مالك يوم الجمعة فسمع النداء بالصلاة فقال : قم لنسعى إليها .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء في قوله : { فاسعوا إلى ذكر الله } قال : الذهاب والمشي .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : إنما السعي العمل ، وليس السعي على الأقدام .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محمد بن كعب قال : السعي العمل .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وعكرمة مثله .

وأخرج البيهقي في سننه عن عبد الله بن الصامت قال : خرجت إلى المسجد يوم الجمعة فلقيت أبا ذر ، فبينا أنا أمشي إذ سمعت النداء ، فرفعت في المشي لقول الله { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } فجذبني جذبة فقال : أولسنا في سعي .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب في قوله : { فاسعوا إلى ذكر الله } قال : موعظة الإِمام .

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حرمت التجارة يوم الجمعة ما بين الأذان الأول إلى الإِقامة إلى انصراف الإِمام ، لأن الله يقول : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر } إلى { وذروا البيع } » .

وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام ، فربما قدما يوم الجمعة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، يخطب فيدعونه ويقومون فيما هم إلا بيعاً حتى تقام الصلاة فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } قال : فحرم عليهم ما كان قبل ذلك .

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الزهري قال : الأذان الذي يحرم فيه البيع هو الأذان الذي عند خروج الإِمام . قال : وأرى أن يترك البيع الآن عند الأذان الأول .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة حرم الشراء والبيع .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الضحاك قال : إذا زالت الشمس من يوم الجمعة حرم البيع والتجارة حتى تقضى الصلاة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء والحسن أنهما قالا : ذلك .

وأخرج عبد بن حميد عن أيوب قال : لأهل المدينة ساعة يوم الجمعة ينادون : حرم البيع ، وذلك عند خروج الإِمام .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ميمون بن مهران قال : كان بالمدينة إذا أذن المؤذن من يوم الجمعة ينادون في الأسواق : حرم البيع حرم البيع .

وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن القاسم أن القاسم دخل على أهله في يوم الجمعة وعندهم عطار يبايعونه ، فاشتروا منه ، وخرج القاسم إلى الجمعة ، فوجد الإِمام قد خرج ، فأمرهم أن يناقضوه البيع .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد قال : من باع شيئاً بعد الزوال يوم الجمعة فإن بيعه مردود لأن الله تعالى نهى عن البيع إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : هل تعلم من شيء يحرم إذا أذن بالأولى سوى البيع ؟ قال عطاء : إذا نودي بالأولى حرم اللهو والبيع ، والصناعات كلها هي بمنزلة البيع والرقاد ، وأن يأتي الرجل أهله ، وأن يكتب كتاباً قلت : إذا نودي بالأولى وجب الرواح حينئذ ؟ قال : نعم . قلت : من أجل قوله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ؟ قال : نعم ، فليدع حينئذ كل شيء وليرح .