جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (9)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة{[5015]} } أذن لها عند قعود الإمام على المنبر { من يوم الجمعة } من بيان وتفسير لإذا وقيل : بمعنى في { فاسعوا في ذكر الله{[5016]} } أي : اهتموا{[5017]} في سيركم إليها كي لا يفوت منكم وليس المراد هاهنا المشي السريع ففي الصحيحين " إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " { وذروا البيع } المعاملة فإنها حرام { ذلكم } السعي إليه { خير لكم } من المعاملة { وإن كنتم تعلمون } إن كنتم من أهل العلم


[5015]:واعلم أن صلاة الجمعة فريضة من فرائض الله بهذا النص وبما صح من السنة، وقد واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم من الوقت الذي شرعها الله تعالى فيه إلى أن قبضه، وحكى ابن المنذر الإجماع على أنه فرض عين، وهي كسائر الصلوات لا يخالفها إلا في مشروعية الخطبتين قبلها، ومن تأمل فيما وقع في هذه العبادة الفاضلة من الأقوال الساقطة والمذاهب الزائغة والاجتهادات الداحضة قضى من ذلك العجب، ولا يوجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله حرف واحد يدل على ما ادعوه من كون تلك الأمور كالمصر الجامع والعدد المخصوص والإمام الأعظم والحمام ونحوها شروطها لصحة الجمعة أو فرضا من فرائضها أو ركنا من أركانها فيالله العجب ما يفعل الرأي بأهله، ومن يخرج من رءوسهم هذه الخزعبلات الشبيهة بالقصص والأحاديث الملفقة، وهي من الشريعة المطهرة بمعزل، وكل من ثبت قدمه ولم يتزلزل عن طريق الحق بالقيل والقال يعرف أحسن المعرفة، ومن جاء بالغلط فغلطه رد عليه مضروب به في وجهه وتفصيل ذلك في النيل والسيل للشوكاني /12 فتح البيان في مقاصد القرآن.
[5016]:واستدل بالآية من قال: إنما يجب إتيان الجمعة على من كان يسمع النداء، ومن لا يحتاج إلى إذن السلطان، لأنه تعالى أوجب السعي، ولم يشترط إذن أحد. ومن قال: لا يجب على النساء لعدم دخولهم في خطاب الذكور/12 إكليل للسيوطي.
[5017]:كقوله:{من أراد الآخرة وسعى لها سعيها}[الإسراء:19] وقوله: {إن سعيكم لشتى} [الليل:4] وقوله:{ أن ليس للإنسان إلا ما سعى}[النجم:39]/12 فتح.