وقوله سبحانه : { يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا نُودِي للصلاة } الآية ، النداءُ : هو الأذانُ ، وكان على الجِدَارِ في مسجدِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وفي مصنف أبي داودَ : كَانَ بَيْنَ يَدَي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو عَلى المنبر أذَانُ ، ثم زادَ عثمانُ النداءَ عَلَى الزوراء ليسمعَ الناسُ .
( ت ) : وفي البخاريّ والترمذيِّ وصححه عن السائبِ بن يزيد قَالَ : كَانَ النداءُ يومَ الجمعةِ أوَّلُه إذا جَلَسَ الإمام على المنبر ؛ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرَ ، فلما تَوَلَّى عثمانُ وكثرَ الناسُ ، زَادَ الأذَانَ الثالثَ فأَذَّنَ به على الزَّورَاءِ ، فَثَبَتَ الأَمْرُ على ذلك ، قِيل : فقوله «الثالثَ » يَقْتَضِي أنَّهمُ كَانُوا ثلاثةً ، وفي طريقٍ آخرَ «الثاني » بدَلَ «الثالث » وهو يَقْتَضِي أَنَّهُمَا اثنانِ ، انتهى . وخرَّجَ مسلم عن أبي هريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن اغْتَسَلَ ، ثمَّ أَتَى الجُمُعَةَ ، فصلى مَا قُدِّرَ لَهُ ، ثم أَنْصَتَ لِلإمَامِ حتى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخرى ، وَفَضَلُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ " انتهى . وخرَّجَهُ البخاريُّ من طريقِ سُلَيْمَان .
وقوله : { مِن يَوْمِ الجمعة } قال ابن هشام : «من » مرادفةِ «في » ، انتهى .
وقوله تعالى : { فاسعوا إلى ذِكْرِ الله } الآية ، السعِيُ في الآيةِ لاَ يُرَادُ به الإسْرَاعُ في المشي ، وإنما هو بمعنى قوله : { وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى } [ النجم : 39 ] فالسَّعْيُ هو بالنِّيةِ والإرَادَةِ والعَمَلِ ؛ مِنْ وُضُوءٍ ، وغُسْلٍ ، وَمَشْيٍ ، ولُبْسِ ثوبٍ ؛ كُلُّ ذلكَ سَعْيٌ ، وَقَدْ قَالَ مالكٌ وغيره : إنما تُؤْتَى الصلاةُ بالسَّكِينَةِ ، ( ت ) : وهو نصُّ الحديثِ الصحيحِ ، وهُوَ قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة : " فَلاَ تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ " ، ( ت ) : والظاهرُ أنَّ المرادَ بالسعيِ هُنا المُضِيُّ إلى الجمعةِ ، كما فسَّره الثعلبيُّ ، ويدلُّ على ذلكَ إطلاقُ العلماءِ لفظَ الوجوبِ عَلَيْهِ ، فيقولونَ السَّعْيُ إلَى الجمعةِ واجبٌ ، ويدلُّ عَلَى ذلك قراءةُ عمرَ وعليٍّ وابنِ مسعودٍ وابن عمر وابنِ عباس وابن الزبير وجماعة من التابعين : «فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ » وقال ابن مسعود : لَوْ قَرَأْتُ : ( فاسعوا لأسرعت حتى يقع ردائي ) وقال العِرَاقِيُّ : { فاسعوا } معناه بَادِروا ، انتهى . وقوله : { إلى ذِكْرِ الله } هو وعظُ الخطبةِ ؛ قاله ابن المسيب ، ويؤيدُه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " إذَا كَانَ يومُ الجمعةِ ، كَانَ على كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فالأَوَّلَ ، فَإذَا جَلَسَ الإمَامُ طَوُوُا الصُّحُفَ ، وجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ " الحديثُ خَرَّجَهُ البخاريُّ ومسلم ، واللفظُ لمسلمٍ ، والخُطْبَةُ عِنْدَ الجمهورِ شَرْطٌ في انعقادِ الجمعةِ ، وعن أبي موسى الأشعري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يَبْعَثُ الأيَّامَ يومَ القيامةِ على هَيْئَتِهَا ، وَيْبَعَثُ الجُمُعَةَ زَهْرَاءَ مُنِيرَةً ، أَهْلُهَا مُحِفُّونَ بِهَا ؛ كالْعَرُوسِ تهدى إلَى كرِيمَها ، تُضِيءُ لهم ؛ يَمْشُونَ في ضَوْئِهَا ؛ أَلْوَانُهُمْ كالثَّلْجِ بَيَاضاً ، وَرِيحُهُمْ يَسْطَعُ كَالْمِسْكِ ، يَخُوضُونَ في جِبَالِ الكَافُورِ ، يَنْظُرُ إلَيْهِمُ الثَّقَلاَنِ ، مَا يَطْرِفُونَ تَعَجُّباً ، يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ لاَ يُخَالِطُهُمْ إلاَّ المُؤَذِّنُونَ المُحْتَسِبُونَ " خَرَّجَهُ القاضِي الشريفُ أبو الحسنِ علي بن عبد اللَّهِ بن إبراهيمَ الهاشميّ ، قال صاحبُ «التذكرة » : وإسنادهُ صحيح ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.