أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (19)

شرح الكلمات :

{ فجعلناهم أحاديث } : أي لمن جاء بعدهم أي أهلكناهم ولم يبق منهم إلا ذكرهم متداولا بين الناس .

{ ومزقناهم كل ممزق } : أي فرقناهم في البلاد كل التفرق .

{ إن في ذلك لآيات } : أي إن في ذلك المذكور من النعم وسلبها لعبراً .

{ لكل صبار شكور } : أي صبار على الطاعات وعن المعاصي شكور على النعم .

المعنى :

/د18

{ قالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم } أي حملهم بطر النعمة على أن سألوا ربهم بلسان حالهم أو قالهم أن يباعد بين مسافات أسفارهم بإزالة تلك المدن حتى يحملوا الزاد ويركبوا الخيول ويذوقوا طعم التعب وهذا في الواقع هو حسد من الأغنياء للفقراء الذين لا طاقة لهم على السفر في المسافات البعيدة بدون زاد ولا رواحل . قال تعالى { وظلموا أنفسهم } إذ بإعراضهم وحسدهم وبطرهم النعمة كانوا قد ظلموا أنفسهم فعُرِّضوا لعذاب الحرمان في الدنيا وعذاب النار في الآخرة ، وقوله تعالى { فجعلناهم أحاديث } أي لمن بعدهم يروون أخبارهم ويقصون قصصهم بعد أن هلكوا وبادوا . وقوله تعالى { ومزقناهم كل ممزق } أي فرقناهم في البلاد كل تفريق بحيث لا يرجى لهم عودُ اتصال أبداً فذهب الأوس والخزرج إلى يثرب " المدينة النبوية " وهم الأنصار ، وذهب غسان إلى الشام ، والأزد إلى عُمان ، وخزاعة إلى تهامة وأصبحوا مضرب المثل يقال : ذهبوا شذر مذر . وتفرقوا أيادي سبأ ، أي مذاهب سبأ وطرقها . وقوله تعالى { إن في ذلك لآيات } أي إن في إنعام الله على أبناء سبأ ثم في نقمته عليهم لما بطروا النعمة وكفروا الطاعة لعبراً يعتبر بها كل صبور على الطاعات فِعلاً وعن المعاصي تركاً ، { شكور } أي كثير الشكر على النعم . اللهم اجعلنا لك من الشاكرين .

الهداية :

من الهداية :

- خطر الحسد وانه داء لا دواء له ، والعياذ بالله يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .

- فضيلة الصبر والشكر وعلو شأن الصبور الشكور .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (19)

قوله تعالى : { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } فاجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوز لنركب فيها الرواحل ونتزود الأزواد ، فجعل الله لهم الإجابة . وقال مجاهد : بطروا النعمة وسئموا الراحة . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : بعد بالتشديد من التبعيد ، وقرأ الآخرون : باعد ، بالألف ، وكل على وجه الدعاء والسؤال ، وقرأ يعقوب : ربنا برفع الباء ، باعد بفتح العين والدال على الخبر ، كأنهم استبعدوا أسفارهم القريبة بطروا وأشروا . { وظلموا أنفسهم } بالبطر والطغيان . قوله تعالى :{ فجعلناهم أحاديث } عبرة لمن بعدهم يتحدثون بأمرهم وشأنهم ، { ومزقناهم كل ممزق } فرقناهم في كل وجه من البلاد كل التفريق . قال الشعبي : لما غرقت قراهم تفرقوا في البلاد ، أما غسان فلحقوا بالشام ومر الأزد إلى عمان ، وخزاعة إلى تهامة ، ومر آل خزيمة إلى العراق ، والأوس والخزرج إلى يثرب ، وكان الذي قدم منهم المدينة عمرو بن عامر ، وهو جد الأوس والخزرج . { إن في ذلك لآيات } لعبراً ودلالات ، { لكل صبار } عن معاصي الله ، { شكور } لأنعمه ، قال مقاتل : يعني المؤمن من هذه الأمة صبور على البلاء شاكر للنعماء . قال مطرف : هو المؤمن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر .