مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (19)

{ فَقَالُواْ رَبَّنَا باعد بَيْنَ أَسْفَارِنَا } قالوا يا ليتها كانت بعيدة فنسير على نجائبنا ، ونربح في التجارات ونفاخر في الدواب والأسباب ، بطروا النعمة وملوا العافية فطلبوا الكد والتعب ، { بَعْدَ } مكي وأبو عمرو { وَظَلَمُواْ } بما قالوا { أَنفُسَهُمْ فجعلناهم أَحَادِيثَ } يتحدث الناس بهم ويتعجبون من أحوالهم { ومزقناهم كُلَّ مُمَزَّقٍ } وفرقناهم تفريقاً اتخذه الناس مثلاً مضروباً يقولون «ذهبوا أيدي سبأ » و «تفرقوا أيادي سبأ » فلحق غسان بالشام وأنمار بيثرب وجذام بتهامة والأزد بعمان { إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ } عن المعاصي { شَكُورٍ } للنعم أو لكل مؤمن لأن الإيمان نصفان نصفه شكر ونصفه صبر .