الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (19)

18

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } قال : قالوا يا ليت هذه القرى يبعد بعضها عن بعض ، فنسير على نجائبنا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه أنه قرأ « قالوا ربنا بعِّد بين أسفارنا » مثقلة قال : لم يدعوا على أنفسهم ، ولكن شكوا ما أصابهم .

وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي رضي الله عنه أنه قرأ « قالوا ربنا بَعِّدْ بين أسفارنا } مثقلة على معنى فعِّل .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه أنه قرأ " بَعُدَ بين أسفارنا " بنصب الباء ، ورفع العين .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ( ربنا ) بالنصب " باعد " بنصب الباء وكسر العين على الدعاء .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله { ومزقناهم كل ممزق } قال : أما غسان فلحقوا بالشام ، وأما الأنصار فلحقوا بيثرب ، وأما خزاعة فلحقوا بتهامة ، وأما الأزد فلحقوا بعمان . فمزقهم الله كل ممزق .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { إن في ذلك لآيات لكل صبارٍ شكور . . . } قال : مطرف في قوله { إن في ذلك لآيات } نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر .

وأخرج عن الشعبي رضي الله عنه في قوله { لكل صبار شكور } قال { صبار } في الكريهة { شكور } عند الحسنة .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان عن عامر رضي الله عنه قال : الشكر نصف الإِيمان ، والصبر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله .

وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الله قال : يا عيسى ابن مريم إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، ولا حلم ولا علم . قال : يا رب كيف يكون هذا لهم ، ولا حلم ولا علم ؟ قال : أعطيهم من حلمي وعلمي » .

وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الإِيمان والدارمي وابن حبان عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عجباً لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير ، إن أصابته سراء شكر كان خيراً ، وإن أصابته ضراء صبر كان خيراً » .

وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عجبت للمؤمن أن أعطي قال الحمد لله فشكر ، وإن ابتلي قال الحمد لله فصبر ، فالمؤمن يؤجر على كل حال ، حتى اللقمة يرفعها إلى فيه » .

وأخرج البيهقي في الشعب وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من نظر في الدين إلى من هو فوقه ، وفي الدنيا إلى من هو تحته ، كتبه الله صابراً وشاكراً ، ومن نظر في الدين إلى من هو تحته ، ونظر في الدنيا إلى من هو فوقه ، لم يكتبه الله صابراً ولا شاكراً » والله سبحانه وتعالى أعلم .