التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (19)

{ فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } قرئ باعد وبعُد بالتخفيف والتشديد على وجه الطلب ، والمعنى أنهم بطروا النعمة وملوا العافية ، وطلبوا من الله أن يباعد بين قراهم المتصلة ليمشوا في المفاوز ويتزودوا للأسفار ، فعجل الله إجابتهم وقرئ باعد بفتح العين على الخبر والمعنى أنهم قالوا إن الله باعد بين قراهم ، وذلك كذب وجحد للنعمة .

{ وظلموا أنفسهم } : يعني بقولهم باعد بين أسفارنا أو بذنوبهم على الإطلاق .

{ ومزقناهم كل ممزق } أي : فرقناهم في البلاد حتى ضرب المثل بفرقتهم ، قيل : تفرقوا أيدي سبأ ، وفي الحديث : ( إن سبأ أبو عشرة من القبائل ، فلما جاء السيل على بلادهم تفرقوا فتيامن منهم ستة وتشاءم أربعة ) .