أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا} (60)

شرح الكلمات :

{ لئن لم ينته المنافقون } : أي عن نفاقهم وهو إظهار الإِيمان وإخفاء الكفر .

{ والذين في قلوبهم مرض } : أي مرض حب الفجور وشهوة الزنا .

{ والمرجفون في المدينة } : أي الذين يأتون بالأخبار الكاذبة لتحريك النفوس وزعزعتها كقولهم العدو على مقربة من المدينة أو السرية الفلانية قتل أفرادها وما إلى ذلك .

{ لنغرينك بهم } : أي لنسلطنك عليهم ولنحرشنك بهم .

{ ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا } : أي في المدينة إلا قليلا من الأيام ثم يخرجوا منها أو يهلكوا .

المعنى :

لقد تقدم أن بعض النسوة اشتكين ما يلقينه من تعرض المنافقين لهن عند خروجهن ليلاً لقضاء الحاجة ، وأن الله تعالى أمر نساء المؤمنين أن يدنين من جلابيبهن وعلة ذلك أن يعرفن أنهن حرائر فلا يتعرض لهن المنافقون وكان ذلك إجراءً وقائيا لا بد منه ، ثم أقسم الجبار بقوله { لئن لم ينته المنافقون } أي وعزتي وجلالي لئن لم ينته هؤلاء المنافقون من نفاقهم وأعمالهم الاستفزازية والذين في قلوبهم مرض الشهوة وحب الفجور والمرجفون الذين يكذبون الأكاذيب المرجفة أي المحركة للنفوس كقولهم : العدو زاحف على المدينة والسرية الفلانية انهزمت أو قتل أكثر أفرادها لئن لم ينته هؤلاء لنغرينك بهم أي لنحرشنَّك بهم ثم لنسلِّطنَّك عليهم . ثم لا يجاورونك فيها أي في المدينة إلا قليلا ، ثم يُخرجوا منها أو يُهلكوا ملعونين أي يخرجون ملعونين أي مطرودين من الرحمة الإِلهية التي تصيب سكان المدينة النبوية ، وحينئذٍ أينما ثقفوا أي وجدوا وتُمكن منهم أخذوا أي أسرى وقتلوا تقتيلاً حتى لا يبقى منهم أحد . هذا ما دلت عليه الآية الأولى ( 60 ) { لئن لم ينته المنافقون . . } .

الهداية :

من الهداية :

- التنديد بالمنافقين وتهديدهم بإمضاء سنة الله تعالى فيهم إذا لم يتوبوا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا} (60)

ولما كان المؤذون{[56081]} بما مضى وغيره أهل النفاق ومن داناهم ، حذرهم بقوله مؤكداً دفعاً لظنهم دوام الحلم عنهم : { لئن لم ينته } أي عن الأذى { المنافقون } أي {[56082]}الذين يبطنون{[56083]} الكفر ويظهرون الإسلام { والذين في قلوبهم مرض } أي{[56084]} مقرب من النفاق حامل على المعاصي { والمرجفون في المدينة } وهم الذين يشيعون الأخبار المخيفة لأهل الإسلام التي تضطرب لها{[56085]} القلوب سواء كانوا من القسمين الأولين أم{[56086]} لا { لنغرينك بهم } بأن نحملك على أن تولع بهم{[56087]} بأن نأمرك بإهانتهم ونزيل الموانع من ذلك ، ونثبت الأسباب الموصلة إليه حتى تصير لاصقاً بجميع أموالهم لصوق الشيء الذي يلحم بالغراء فلا يقدروا على الانفكاك عن شيء مما تفعله بهم إلا بالبعد من المدينة بالموت أو الرحيل إلى غيرها ، وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما كما رواه عنه البخاري{[56088]} : لنسلطنك .

ولما كان نزوحهم عن المدينة مستبعداً عنهم جداً ، وكان أعظم رتبة في أذاهم من غيره ، لأن الإخراج من الأوطان من أعظم الهوان ، أشار إليه بأداة التراخي فقال : { ثم لا يجاورونك فيها } أي بعد محاولتك لهم { إلا قليلاً * } أي من الزمان بقدر ما يمكن لك المضارب فتعظم عليهم المصائب .


[56081]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: المأذون.
[56082]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الذي يظنون.
[56083]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الذي يظنون.
[56084]:زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[56085]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إليها.
[56086]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أو.
[56087]:زيد من ظ وم ومد.
[56088]:راجع الصحيح 2/707.