التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

{ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } السماء الدنيا هي القريبة منا ، والمصابيح يراد بها النجوم ، فإن كانت النجوم كلها في السماء الدنيا فلا إشكال ، وإن كانت في غيرها من السموات فقد زينت السماء الدنيا ، لأنها ظاهرة فيها لنا ، ويحتمل أن يريد أنه زين السماء الدنيا بالنجوم التي فيها دون التي في غيرها ، على أن القول بموضع الكواكب وفي أي سماء هي لم يرد في الشريعة . { وجعلناها رجوما للشياطين } أي : جعلنا منها رجوما ، لأن الكواكب الثابتة ليست ترجم الشياطين ، فهو كقولك : أكرمت بني فلان إذا أكرمت بعضهم . والرجوم جمع رجم وهو مصدر سمي به ما يرجم به ، قال الزمخشري : معنى كون النجوم رجوما للشياطين والشهب تنقض من النجوم لرجم الشياطين الذين يسترقون السمع من السماء ، فالشهب الراجمة منفصلة من نار الكواكب ، لا أن الراجمة هي الكواكب أنفسها ، لأنها ثابتة في الفلك . قال قتادة : خلق الله النجوم لثلاثة أشياء زينة السماء ، ورجوم الشياطين ، ويهتدي بها في ظلمات البر والبحر .

{ وأعتدنا لهم عذاب السعير } يعني : للشياطين .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

قوله : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } مصابيح ، جمع مصباح وهو السراج{[4582]} ويراد بالمصابيح هنا كواكب السماء ونجومها التي تضيء ، فتملأ الآفاق ضياء وإشعاعا ، وتثير في الحياة والكائنات آيات من الجمال والبهاء . ومن جملة ما سخّرت له الكواكب والنجوم ، أن جعلها الله { رجوما للشياطين } أي ترجم الشياطين بشهبها المنفصلة عنها كلما دنت من السماء لتسترق السمع من الملأ الأعلى . وهي كلما اقتربت من قضاء بغيتها في الاستراق ، دهمتها الشهب بسرعتها الخاطفة فاحترقت . وفي الآخرة أعد الله لها عذاب السعير . أي النار المتوقدة المستعرة يصلاها الشياطين ، ثم يظلون فيها ماكثين دائمين{[4583]} .


[4582]:مختار الصحاح ص 354.
[4583]:تفسير ابن كثير جـ4 ص 396 وتفسير القرطبي جـ 18 ص 210، 211.