التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَإِذۡ نَجَّيۡنَٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (49)

{ وإذ نجيناكم } تقديره : اذكروا إذ نجيناكم أي : نجينا آباءكم ، وجاء الخطاب للمعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم منهم لأنهم ذريتهم ، وعلى دينهم ، ومتبعون لهم ، فحكمهم كحكمهم وكذلك فيما بعد هذا من تعداد النعم لأن الإنعام على الآباء إنعام على الأبناء ، ومن ذكر مساوئهم لأن ذريتهم راضون بها .

{ من آل فرعون } المراد من فرعون وآله ، وحذف لدلالة المعنى ، وآل فرعون هم جنوده وأشياعه وآل دينه لا قرابته خاصة ، ويقال : إن اسمه الوليد بن مصعب ، وهو من ذرية عمليق ، ويقال فرعون لكل من ولي مصر ، وأصل آل : أهل ، ثم أبدلت من الهاء همزة وأبدل من الهمزة ألف . فائدة : كل ما ذكره في هذه الصور من الأخبار معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه أخبر بها من غير تعلم { يسومونكم سوء العذاب } أي : يلزمونهم به ، وهو استعارة من السوم في البيع وفسر سوء العذاب بقوله :{ يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم } ولذلك لم يعطفه هنا ، وأما حيث عطفه في سورة إبراهيم فيحتمل أن يراد بسوء العذاب غير ذلك بل فيكون عطف مغايرة أو أراد به ذلك ، وعطف لاختلاف اللفظة ، وكان سبب قتل فرعون لأبناء بني إسرائيل ، وقيل : إن آل فرعون تذاكروا وعد الله لإبراهيم بأن يجعل في ذريته ملوكا وأنبياء فحسدوهم على ذلك ، وروى أنه وكل بالنساء رجالا يحفظون من تحمل منهن ، وقيل : بل وكل على ذلك القوابل ، ولأجل هذا قيل : معنى يستحيون يفتشون الحياة ضد الموت .