فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِذۡ نَجَّيۡنَٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (49)

49

{ نجيناكم } أخرجناكم من الضر إلى اليسر وخلصناكم وأنقذناكم

{ آل } قوم وأتباع

{ فرعون } ملك من ملوك مصر الأقدمين

{ يسومونكم } يذيقونكم ويديمون متابعتكم ويلزمونكم { سوء } سيء وأشد .

{ يذبحون } يقتلون بقطع الرقاب

{ يستحيون } يتركونهن حيات ويستبقوهن دون ذبح

{ بلاء } اختبار وامتحان ونقمة وضر ومكروه

واذكروا إذ خلصتكم من ملك مصر وأتباعه الذين صبوا عليكم سيء الأذى وأشده وأدومه فلا يدعون لكم وليدا إلا ذبحوه وقطعوا عنقه ولا يتركون لكم امرأة إلا استذلوها وأبقوها لخدمتهم . وفي هذا الاستضعاف محنة لهم قاسية{[271]} أو في هذا الإنجاء لهم منحة عالية فقد اتخذهم فرعون عبيدا وكان شطر دعوة موسى صلى الله عليه وسلم إليه أن يحرر هؤلاء المستذلين المقهورين وصدق الله العظيم : { . . . وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلي عباد الله . . }{[272]} فقال لفرعون : علام تحبس هؤلاء القوم ؟ أخل سبيلهم وأول عهد ربنا إلى رسوليه موسى وهارون عليهما السلام أن يدعواه إلى تسريح هؤلاء المستعبدين كما جاء في القرآن المبين : { فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل }{[273]} .


[271]:مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن وهنا نكتة وهي أنهم كانوا في نهاية الذل وخصمهم في غاية الاستيلاء والغلبة إلا أنهم كانوا محقين وخصومهم مبطلين فانقلب المحق غالب و المبطل مغلوبا فكأنه قيل لا تغتروا بفقر محمد صلى الله عليه وسلم وقلة أنصاره في الحال فإنه سينقلب العز إلى جانبه صلى الله عليه وسلم والذل إلى جانب أعدائه وفيه تنبيه إلى أن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء فليس للإنسان أن يغتر بعز الدنيا وينسى أمر الآخرة.
[272]:سورة الدخان من الآيتين 17 - 18.
[273]:سورة الشعراء الآيتين: 16، 17.