قوله عز وجل : { وَإِذْ نَجَّيناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ } يعني من قوم فرعون ، وآل الرَّجُلِ : هم الَّذين تؤول أمورهم إليه ، إما في نسب ، أو في صحبة .
وَاختُلِف في الآل والأهل على قولين :
والثاني : وهو قول الكسائي : أنه يقال : آل الرجل ، إذا ذكر اسمهُ ، فإن كُنيَ عنه قيل أهله ، ولم يُقَلْ آله ، كما يقال : أهل العلم ، وأهل البصرة ، ولا يقال : آل العلم ، وآل البصرة .
وفِرْعَوْنُ : قيل إنه ذلك الرجل بعينه ، وقيل إنه اسمُ كلِّ ملكٍ من ملوك{[110]} العمالقة ، مثل قيصر للروم ، وكسرى للفرس ، وأن اسْمَ فِرْعَوْنِ مَوسَى : الوليدُ بنُ مُصْعَبٍ .
وفي قوله تعالى : { يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ } ثلاثةُ تأويلاتٍ :
أحدها : معناه{[111]} يولونكم ، مِنْ قولهم : سَامَهُ خطة خَسْفٍ ، إذا أولاه .
والثاني : يُجَشِّمُونَكُمُ الأعمال الشَّاقَّة .
والثالث : يزيدونكم على سوء العذاب ، ومنه مساومة البيع ، إنما هو أن يزيد البائعُ المشتريَ على ثمنٍ ، ويزيد المشتري على ثمنٍ ، وهذا قول المفضل .
قوله تعالى : { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } أي يستبقون ، وهو استفعال من الحياة ، لأنهم كانوا يُذَبِّحُونَ الذكور ، ويستبقون الإناث .
وأما اسم النساء ، فقد قيل : إنه ينطلق على الصغار والكبار ، وقيل : بل ينطلق على الكبار ، وإنما سَمَّي الصغار نساءً ، على معنى أنهُنَّ يبقِين ، حتَّى يصِرْنَ نساءً{[112]} .
وإنما كان استبقاءُ النساء من سوء العذاب ، لأنهم كانوا يستبقونهن للاسترقاق والخدمة ، فصار ذلك هو سُوءَ العذاب ، لا الاستبقاء .
وفي قوله تعالى : { وَفِي ذَلِكُم بَلاَءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } تأويلان :
أحدهما : أن فيما كانوا يفعلونه بهم : مِنْ سوء العذاب ، وذبح الأبناء ، واستحياء النساءِ شدةً وجهداً عظيماً .
والثاني : أن في إنجائهم من آل فرعونَ ، الذين كانوا يفعلون ذلك بهم نعمةٌ من ربِّهم عظيمةٌ ، وهو قول ابن عباسٍ ، ومجاهدٍ ، والسدي .
وأصل البلاء الاختبار في الخير والشر ، كما قال عز وجل :
{ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً }{[113]} لأن الاختبار قد يكون بالخير كما يكون بالشر ، غير أن الأكثر في الشر أن يقال : بَلَوْتُه أَبْلُوهُ بلاءً ، وفي الخير : أَبْلَيْتُهُ أُبْلِيهِ إبْلاءً ، ومن ذلك قولُ زُهَيْرٍ :
جَزَى اللهُ بِالإْحْسَانِ مَا فَعَلاَ بِكُمْ *** فَأَبْلاَهُمَا خَيْرَ الْبَلاءِ الَّذِي يَبْلُو
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.