مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذۡ نَجَّيۡنَٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (49)

{ وَإِذْ نجيناكم مّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ } أصل آل أهل ولذلك يصغر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفاً وخص استعماله بأولى الخطر كالملوك وأشباههم فلا يقال آل الإسكاف والحجام ، وفرعون علم لمن ملك العمالقة كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس . { يَسُومُونَكُمْ } حال من «آل فرعون » أي يولونكم من سامه خسفاً إذا أولاه ظلماً ، وأصله من سام السلعة إذا طلبها كأنها بمعنى يبغونكم { سُوءَ العذاب } ويريدونكم عليه ومساومة البيع مزيدة أو مطالبة ، وسوء مفعول ثانٍ ل «يسومونكم » وهو مصدر سيىء . يقال : أعوذ بالله من سوء الخلق و«سوء » الفعل يراد قبحهما ، ومعنى سوء العذاب ، والعذاب كله سيىء أشده وأفظعه . { يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } بيان لقوله «يسومونكم » ولذا ترك العاطف { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } يتركون بناتكم أحياء للخدمة ، وإنما فعلوا بهم ذلك لأن الكهنة أنذروا فرعون بأنه يولد مولود يزول ملكه بسببه كما أنذروا نمرود فلم يغن عنهما اجتهادهما في التحفظ وكان ما شاء الله { وَفِي ذلكم بَلاءٌ } محنة إن أشير بذلكم إلى صنع فرعون ، ونعمة إن أشير به إلى الانتجاء . { مّن رَّبّكُمْ } ، صفة ل «بلاء » { عظِيمٌ } صفة ثانية .