تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (50)

{ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ } أي : مقرر لهم ومُثَبّت { وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } فيه دلالة على أن عيسى ، عليه السلام ، نسَخ بعض شريعة التوراة ، وهو الصحيح من القولين ، ومن العلماء من قال : لم ينسخ منها شيئًا ، وإنما أحَلّ لهم بعض ما كانوا يتنازعون{[5057]} فيه فأخطؤوا ، فكشف{[5058]} لهم عن المغطى في ذلك ، كما قال في الآية الأخرى : { وَلأبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } [ الزخرف : 63 ] والله أعلم .

ثم قال : { وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } أي : بحجة ودلالة على صدقي فيما أقوله لكم . { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } .


[5057]:في جـ، ر، أ، و: "تنازعوا".
[5058]:في أ، و: "وانكشف".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (50)

{ ومصدقا لما بين يدي من التوراة } عطف على { رسولا } على الوجهين ، أو منصوب بإضمار فعل دل عليه { قد جئتكم } أي وجئتكم مصدقا . { ولأحل لكم } مقدر بإضماره ، أو مردود على قوله : { أني قد جئتكم بآية } ، أو معطوف على معنى { مصدقا } كقولهم جئتك معتذرا ولأطيب قلبك . { بعض الذي حرم عليكم } أي في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام كالشحوم والثروب والسمك ولحوم الإبل والعمل في السبت ، وهو يدل على أن شرعه كان ناسخا لشرع موسى عليه الصلاة والسلام ولا يخل ذلك بكونه مصدقا للتوراة ، كما لا يعود نسخ القرآن بعضه ببعض عليه بتناقض وتكاذب ، فإن النسخ في الحقيقة بيان وتخصيص في الأزمان { وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون } .