ثم إنه لما قرر المعجزات الباهرة وبين بها كونه رسولاً من عند الله ذكر أنه لماذا أرسل فقال : { ومصدقاً لما بين يدي من التوراة } وذلك أنه يجب على كل نبي أن يكون مصدقاً لمن تقدمه من الأنبياء لأن الطريق إلى ثبوت نبوتهم هو المعجز ، فكل من حصل على يده المعجز وجب الاعتراف بنبوته .
ولعل من جملة الأغراض في بعثة عيسى عليه السلام تقرير أحكام التوراة وإزالة شبهات المنكرين وتحريفات المعاندين الجاهلين . ثم ذكر غرضاً آخر في بعثته فقال : { ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } وهذا لا يناقض تصديقه لما في التوراة إذ المعنى بالتصديق هو اعتقاد أن كل ما فيه حكمة وصواب ، وإذا لم يكن التأبيد مذكوراً فالناسخ والمنسوخ كلاهما حق في وقته ، وإذا كانت البشارة بعيسى موجودة في التوراة فمجيء عيسى يكون تصديقاً لما في التوراة . وعن وهب بن منبه أن عيسى ما غير شيئاً من أحكام التوراة وأنه ما وضع الأحد بل كان يقرر السبت ويستقبل بيت المقدس . ثم فسر الإحلال بأمرين : أحدهما أن الأحبار كانوا قد وضعوا من عند أنفسهم شرائع باطلة ونسبوها إلى موسى فجاء عيسى ورفعها وأعاد الأمر إلى ما كان . والثاني أن الله تعالى كان قد حرم بعض الأشياء على اليهود عقوبة لهم كما قال :{ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم }[ النساء : 160 ] واستمر ذلك التحريم فجاء عيسى ورفع تلك التشديدات عنهم . كانوا قد حرم عليهم الشحوم والثروب ولحوم الإبل والسمك وكل ذي ظفر ، فأحل لهم عيسى من السمك والطير ما لا صيصية له . { وجئتكم بآية من ربكم } شاهدة على صحة رسالتي وهي قوله : { إن الله ربي وربكم } لأن جميع الرسل كانوا على هذا القول لم يختلفوا فيه . وقوله : { فاتقوا الله وأطيعون } اعتراض وإنما جعل القول آية من ربه لأن الله تعالى جعله له علامة يعرف بها أنه رسول كسائر الرسل . ويجوز أن يكون تكريراً لقوله : { إني قد جئتكم بآية من ربكم } أي جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم من المعجزات ومن ولادتي بغير أب . { فاتقوا الله } لما جئتكم به من الآيات
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.