فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (50)

{ لما بين يدي } لما تقدمني وسبقني وكان أمامي .

{ ولأحل } ولأبلغكم ما أحل الله .

{ ومصدقا لما بين يدي من التوراة } جاء عيسى ابن مريم عليه السلام مؤمنا بما أنزل الله من كتاب سبق ، والنحويون يرون أن { مصدقا } نصب على الحال من { وجئتكم } ومعلوم أن شأن الأنبياء عليهم السلام يصدقون بكل ما كان قبلهم من كتب الله ورسله ، وإن اختلف بعض شرائع أحكامهم لمخالفة الله بينهم في ذلك مع أن عيسى كان فيما بلغنا عاملا بالتوراة لم يخالف شيئا من أحكامها إلا ما خفف الله عن أهلها في الإنجيل مما كان مشددا عليهم فيها ، ولذلك جاء بعد هذا القول الكريم : { ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } عن الربيع قال : كان الذي جاء به عيسى ابن مريم ألين من الذي جاء به موسى قال : وكان حرم عليهم فيما جاء به موسى من التوراة لحوم الإبل والتروب ، فأحلها لهم على لسان عيسى وحرمت عليهم الشحوم وأحلت لهم فيما جاء به عيسى . . . 1ه . والقرآن الكريم يبين أن الله تعالى ضيق على اليهود معايشهم وعجل لهم بعض النكال ببغيهم ، يقول مولانا تقدست أسماؤه { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم . . . }{[973]} { وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون } وأتيتكم من عند ربي وربكم بعلامات وحجج وبرهان على صدق ما أقول لكم . ووحد { آية } مع أنه عليه السلام أعطى آيات كثيرات على إرادة جنس الآيات وهي على الحقيقة متجانسة من حيث كونها جاءت شاهدا وبرهانا على صدقه في دعوى الرسالة ، فاتقوا الله معاشر الإسرائيليين ، إذ قد بين القرآن الحكيم إلى من بعث المسيح عليه الصلوات والتسليم فقال الحق سبحانه : { ورسولا إلى بني إسرائيل } فخافوا غضب الله تعالى وعقابه الذي ينزله بمن أعرض عن الحق بعد أن جاءه . { وأطيعون } [ فإن طاعة الرسول من لوازم تقوى الله ثم ختم كلامه بقوله { إن الله ربي وربكم }


[973]:من سورة النساء من الآية 160.