نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (50)

ولما كان ترجمة { إني قد جئتكم } آتياً إليكم بآية كذا ، مصدقاً بها لما أتيت{[17207]} به ، عطف على الحال المقدر منه تأكيداً لأنه عبد الله قوله : { ومصدقاً لما بين يدي } أي كان قبل إتياني إليكم { من التوراة } أي المنزلة على أخي موسى عليه الصلاة والسلام ، لأن القبلية تقتضي العدم الذي هو صفة المخلوق ؛ {[17208]}أو يعطف{[17209]} على { بآية }{[17210]} {[17211]}إذا جعلنا الباء{[17212]} للحال ، لا للتعدية ، أي وجئتكم مصحوباً بآية ومصدقاً .

ولما ذكر التوراة أتبعها ما يدل على أنه{[17213]} ليس {[17214]}كمن بينه{[17215]} وبين موسى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في إقرارها كلها على ما هي عليه وتحديد{[17216]} أمرها على ما كان زمن موسى عليه الصلاة والسلام ، بل{[17217]} هو مع تصديقها ينسخ{[17218]} بعضها فقال : { ولأحل } أي صدقتها{[17219]} لأحثكم{[17220]} على العمل بها ولأحل { لكم بعض الذي حرم عليكم } أي فيها تخفيفاً عليكم { وجئتكم } الاية{[17221]} ليس مكرراً لتأكيد : { أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين } على ما توهم{[17222]} ، بل المعنى - والله سبحانه وتعالى أعلم - أن عيسى عليه الصلاة والسلام لما أتاهم بهذه الخوارق التي من جملتها إحياء الموتى ، وكان من المقرر عندهم - كما ورد في الأحاديث الصحيحة - التحذير من الدجال ، وكان من المعلوم من حاله أنه يأتي بخوارق ، منها إحياء ميت ويدعي الإلهية ، كان من الجائز أن يكون ذلك سبباً لشبهة{[17223]} تعرض لبعض الناس ، فختم هذا الدليل على رسالته بما هو البرهان الأعظم على عبوديته ، وذلك مطابقته لما دعا إليه الأنبياء والمرسلون كلهم من إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى فقال : وجئتكم { بآية } أي عظيمة خارقة للعادة { من } عند { ربكم } أي{[17224]} المحسن إليكم بعد التفرد بخلقكم ، وهي أجل الأمارات وأدلها على صدقي في رسالتي ، هو عدم تهمتي بوقوع شبهة في عبوديتي .

ولما تقرر بذكر الآية مرة{[17225]} بعد مرة مع{[17226]} ما أفادته من تأسيس التفصيل{[17227]} لأنواع الآيات تأكيد رسالته تلطيفاً{[17228]} {[17229]}لطباعهم الكثيفة{[17230]} ، فينقطع{[17231]} منها ما كانت ألفته{[17232]} في الأزمان المتطاولة{[17233]} من العوائد الباطلة سبب عن ذلك ما{[17234]} يصرح بعبوديته أيضاً{[17235]} فقال مبادراً{[17236]} للإشارة إلى أن الأدب مع المحسن آكد{[17237]} والخوف منه أحق وأوجب لئلا يقطع إحسانه ويبدل امتنانه{[17238]} { فاتقوا الله } أي الذي له الأمر كله { وأطيعون * } أي في قبولها فإن التقوى مستلزمة لطاعة{[17239]} الرسول{[17240]} .


[17207]:في ظ: اتت، وفي مد: اوتيت.
[17208]:في ظ: والعطف.
[17209]:في ظ: والعطف.
[17210]:من مد، وفي الأصل وظ: بابه.
[17211]:في ظ: واجعلنا الياء.
[17212]:في ظ: واجعلنا الياء.
[17213]:من ظ ومد، وفي الأًصل: اتهامه.
[17214]:في ظ: كن بيته.
[17215]:في ظ: كن بيته.
[17216]:ي مد: تجديد.
[17217]:زيد من ظ ومد.
[17218]:في ظ: يفسخ.
[17219]:سقط من ظ.
[17220]:من ظ، وفي الأصل: لاحقكم، ولا يتضح في مد.
[17221]:في ظ: لأنه.
[17222]:في ظ : يوهم.
[17223]:من مد، وفي الأصل: لشبهته، وفي ظ: لشبهه.
[17224]:سقط من مد.
[17225]:سقط من ظ.
[17226]:زيد من ظ ومد.
[17227]:في ظ: التفضيل.
[17228]:في ظ: تلطفا.
[17229]:في ظ: لطبائهم الكشفة.
[17230]:في ظ: لطبائهم الكشفة.
[17231]:في ظ: فتنقلع، وفي مد: فينقلع.
[17232]:في الأصول: الفية ـ كذا.
[17233]:في ظ: المطاولة.
[17234]:في ظ ومد: بما.
[17235]:سقط من مد.
[17236]:في ظ: بادرا.
[17237]:من ظ ومد، وفي الأصل: الد ـ كذا.
[17238]:في ظ ومد: امتهانه. والعبارة من هنا إلى "أي في قبولها" قدمت في الأصل على "سبب عن ذلك".
[17239]:من مد، وفي ظ: لطلعة.
[17240]:العبارة المحجوزة زيدت من ظ ومد.