ولما كان ترجمة { إني قد جئتكم } آتياً إليكم بآية كذا ، مصدقاً بها لما أتيت{[17207]} به ، عطف على الحال المقدر منه تأكيداً لأنه عبد الله قوله : { ومصدقاً لما بين يدي } أي كان قبل إتياني إليكم { من التوراة } أي المنزلة على أخي موسى عليه الصلاة والسلام ، لأن القبلية تقتضي العدم الذي هو صفة المخلوق ؛ {[17208]}أو يعطف{[17209]} على { بآية }{[17210]} {[17211]}إذا جعلنا الباء{[17212]} للحال ، لا للتعدية ، أي وجئتكم مصحوباً بآية ومصدقاً .
ولما ذكر التوراة أتبعها ما يدل على أنه{[17213]} ليس {[17214]}كمن بينه{[17215]} وبين موسى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في إقرارها كلها على ما هي عليه وتحديد{[17216]} أمرها على ما كان زمن موسى عليه الصلاة والسلام ، بل{[17217]} هو مع تصديقها ينسخ{[17218]} بعضها فقال : { ولأحل } أي صدقتها{[17219]} لأحثكم{[17220]} على العمل بها ولأحل { لكم بعض الذي حرم عليكم } أي فيها تخفيفاً عليكم { وجئتكم } الاية{[17221]} ليس مكرراً لتأكيد : { أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين } على ما توهم{[17222]} ، بل المعنى - والله سبحانه وتعالى أعلم - أن عيسى عليه الصلاة والسلام لما أتاهم بهذه الخوارق التي من جملتها إحياء الموتى ، وكان من المقرر عندهم - كما ورد في الأحاديث الصحيحة - التحذير من الدجال ، وكان من المعلوم من حاله أنه يأتي بخوارق ، منها إحياء ميت ويدعي الإلهية ، كان من الجائز أن يكون ذلك سبباً لشبهة{[17223]} تعرض لبعض الناس ، فختم هذا الدليل على رسالته بما هو البرهان الأعظم على عبوديته ، وذلك مطابقته لما دعا إليه الأنبياء والمرسلون كلهم من إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى فقال : وجئتكم { بآية } أي عظيمة خارقة للعادة { من } عند { ربكم } أي{[17224]} المحسن إليكم بعد التفرد بخلقكم ، وهي أجل الأمارات وأدلها على صدقي في رسالتي ، هو عدم تهمتي بوقوع شبهة في عبوديتي .
ولما تقرر بذكر الآية مرة{[17225]} بعد مرة مع{[17226]} ما أفادته من تأسيس التفصيل{[17227]} لأنواع الآيات تأكيد رسالته تلطيفاً{[17228]} {[17229]}لطباعهم الكثيفة{[17230]} ، فينقطع{[17231]} منها ما كانت ألفته{[17232]} في الأزمان المتطاولة{[17233]} من العوائد الباطلة سبب عن ذلك ما{[17234]} يصرح بعبوديته أيضاً{[17235]} فقال مبادراً{[17236]} للإشارة إلى أن الأدب مع المحسن آكد{[17237]} والخوف منه أحق وأوجب لئلا يقطع إحسانه ويبدل امتنانه{[17238]} { فاتقوا الله } أي الذي له الأمر كله { وأطيعون * } أي في قبولها فإن التقوى مستلزمة لطاعة{[17239]} الرسول{[17240]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.