[ وهي مكية ]{[1]}
أما الحروف المقطعة في أوائل السور ، فقد تقدم الكلام عليها [ مستوفى ]{[14043]} في أوائل{[14044]} سورة البقرة .
وقال أبو الضحى ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " الر " ، أي : أنا الله أرى . وكذا قال الضحاك وغيره .
{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } أي : هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } [ قال : التوراة والإنجيل ]{[14045]} . [ وقال الحسن : التوراة والزبور ]{[14046]} . وقال قتادة : { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ } قال : الكتب التي كانت قبل القرآن .
تأويل قوله تعالى : { الَر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } .
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : تأويله أنا الله أرى . ذكر من قال ذلك :
حدثنا يحيى بن داود بن ميمون الواسطي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، في قوله : الر : أنا الله أرى .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى عن ابن عباس ، قوله : الر قال : أنا الله أرى .
وقال آخرون : هي حروف من اسم الله الذي هو الرحمن . ذكر من قال ذلك :
حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : حدثنا عليّ بن الحسين ، قال : ثني أبي ، عن يزيد ، عن عكرمة عن ابن عباس : «الر ، وحم ، ونون » حروف الرحمن مقطعة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عيسى بن عبيد عن الحسين بن عثمان ، قال : ذكر سالم بن عبد الله : «الر ، وحم ونون » فقال : اسم الرحمن مقطع . ثم قال : الرحمن .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أبي حماد ، قال : حدثنا مندل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : «الر ، وحم ، ونون » هو اسم الرحمن .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ، عن أبي عوانة ، عن إسماعيل بن سالم ، عن عامر أنه سئل عن : «الر ، وحم ، وص » قال : هي أسماء الله مقطعة بالهجاء ، فإذا وصلتها كانت اسما من أسماء الله تعالى .
وقال آخرون : هي اسم من أسماء القرآن . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : الر اسم من أسماء القرآن .
وقد ذكرنا اختلاف الناس وما إليه ذهب كلّ قائل في الذي قال فيه ، وما الصواب لدينا من القول في ذلك في نظيره ، وذلك في أوّل سورة البقرة ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وإنما ذكرنا في هذا الموضع القدر الذي ذكرنا لمخالفة من ذكرنا قوله في هذا قول في الم ، فأما الذين وفقوا بين معاني جميع ذلك ، فقد ذكرنا قولهم هناك مكتفيا عن الإعادة ههنا .
القول في تأويل قوله تعالى : تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ .
واختلف في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تلك آيات التوراة . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن مجاهد : تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ قال : التوراة والإنجيل .
قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة : تِلْكَ آياتُ الكِتابِ قال : الكتب التي كانت قبل القرآن .
وقال آخرون : معنى ذلك : هذه آيات القرآن .
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوّله : هذه آيات القرآن ، ووجه معنى «تلك » إلى معنى «هذه » ، وقد بيّنا وجه توجيه تلك إلى هذا المعنى في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته . والاَيات الأعلام ، والكتاب اسم من أسماء القرآن ، وقد بيّنا كلّ ذلك فيما مضى قبل .
وإنما قلنا هذا التأويل أولى في ذلك بالصواب ، لأنه لم يجيءْ للتوراة والإنجيل قبل ذكر ولا تلاوة بعده فيوجه إليه الخبر ، فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : والرحمن هذه آيات القرآن الحكيم . ومعنى «الحكيم » في هذا الموضع : «المحكم » صرف مفعل إلى فعيل ، كما قيل عذاب أليم ، بمعنى مؤلم ، وكما قال الشاعر :
*** أمنْ رَيحانةَ الدّاعي السّميعُ ***
وقد بيّنا ذلك في غير موضع من الكتاب . فمعناه إذا : تلك آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيّنه لعباده ، كما قال جلّ ثناؤه : الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ .
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
سورة يونس . هذه السورة هي مكية قال مقاتل إلا آيتين وهي{[1]} قوله تعالى' { فإن كنت في شك } ' نزلت بالمدينة وقال الكلبي هي مكية إلا قوله ' { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به } '{[2]} نزلت في اليهود بالمدينة . وقالت فرقة نزل من أولها نحو من أربعين آية بمكة وباقيها بالمدينة .
تقدم في أول سورة البقرة ذكر الاختلاف في فواتح السور ، وتلك الأقوال كلها تترتب هنا ، وفي هذا الموضع قول يختص به ، قاله ابن عباس وسالم بن عبد الله وابن جبير والشعبي : { الر } { حم } [ غافر : 1 ، فصلت : 1 ، الشورى : 1 ، الزخرف : 1 ، الدخان : 1 ، الجاثية : 1 ، الأحقاف : 1 ] و { ن } [ القلم : 1 ] هو الرحمن قطع اللفظ في أوائل هذه السورة{[5996]} . واختلف عن نافع في إمالة الراء والقياس أن لا يمال وكذلك اختلف القرّاء وعلة من أمال الراء أن يدل بذلك على أنها اسم للحرف وليست بحرف في نفسها وإنما الحرف «ر »{[5997]} .
وقوله تعالى : { تلك } قيل هو بمعنى هذه{[5998]} وقد يشبه أن يتصل المعنى ب { تلك } دون أن نقدرها بدل غيرها والنظر في هذه اللفظة إنما يتركب على الخلاف في فواتح السور فتدبره . و { الكتاب } قال مجاهد وقتادة : المراد به التوراة والإنجيل ، وقال مجاهد أيضاً وغيره : المراد به القرآن وهو الأظهر ، و { الحكيم } فعيل بمعنى محكم كما قال تعالى : { هذا ما لدي عتيد }{[5999]} أي ُمْعَتد ُمَعد ، ويمكن أن يكون «حكيم » بمعنى ذو حكمة فهو على النسب ، وقال الطبري فهو مثل أليم بمعنى مؤلم ثم قال : هو الذي أحكمه وبيّنه .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية رضي الله عنه : فساق قولين على أنهما واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.