تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

يقول تعالى مخبراً عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم ، وكلامهم فيما لا يعنيهم ، حيث قالوا : { لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } أي : هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحي إليه جملة واحدة ، كما نزلت الكتب قبله كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية . فأجابهم الله عن ذلك بأنه إنما أنزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث ، وما يحتاج إليه من الأحكام لتثبيت{[21513]}قلوب المؤمنين به كما قال : { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلا } [ الإسراء : 106 ] ؛ ولهذا قال : { لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا } . قال قتادة : وبيناه تبيينا . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : وفسرناه تفسيرا .


[21513]:- في أ : "ليثبت"
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : وَقالَ الّذِينَ كَفَرُوا بالله لَوْلا نَزّلَ عَلَيْهِ القُرآنُ يقول : هلا نزّل على محمد صلى الله عليه وسلم القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كما أنزلت التوراة على موسى جملة واحدة ؟ ، قال الله : " كَذلكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ " تنزيله عليك الاَية بعد الاَية ، والشيء بعد الشيء ، لنثبت به فؤادك نزلناه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَقالَ الّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزّلَ عَلَيْهِ القُرآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذلكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتّلْناه تَرْتِيلاً قال : كان الله ينزل عليه الاَية ، فإذا علمها نبيّ الله نزلت آية أخرى ، ليعلمه الكتاب عن ظهر قلب ، ويثبت به فؤاده .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : وَقالَ الّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزّلَ عَلَيْهِ القُرآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كما أنزلت التوراة على موسى ، قال : كذلكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ قال : كان القرآن ينزّل عليه جوابا لقولهم : ليعلم محمد أن الله يجيب القوم بما يقولون بالحقّ ، ويعني بقوله : لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ لنصحح به عزيمة قلبك ويقين نفسك ، ونشجعك به .

وقوله وَرَتّلْناهُ تَرْتِيلاً يقول : وشيئا بعد شيء علمناكَهُ حتى تحفظنه . والترتيل في القراءة : الترسل والتثبت .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله : وَرَتّلْناهُ تَرتِيلاً قال : نزل متفرّقا .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن ، في قوله : وَرَتّلْناهُ تَرْتِيلاً قال : كان ينزّل آية وآيتين وآيات جوابا لهم إذا سألوا عن شيء أنزله الله جوابا لهم ، وردّا عن النبيّ فيما يتكلمون به . وكان بين أوّله وآخره نحو من عشرين سنة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : وَرَتّلْناهُ تَرْتيلاً قال : كان بين ما أنزل القرآن إلى آخره أنزل عليه لأربعين ، ومات النبيّ صلى الله عليه وسلم لثنتين أو لثلاث وستين .

وقال آخرون : معنى الترتيل : التبيين والتفسير . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَرَتّلْناهُ تَرْتيلاً قال : فسرناه تفسيرا ، وقرأ : وَرَتّلِ القُرآنَ تَرْتِيلاً .