تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

{ وَحَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي : وحسبوا ألا يترتب لهم شر على ما صنعوا ، فترتب ، وهو أنهم عموا عن الحق وصَمُّوا ، فلا يسمعون حقًا{[10132]} ولا يهتدون إليه ، { ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } أي : مما كانوا فيه { ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا }

أي : بعد ذلك { [ وَصَمُّوا ]{[10133]} كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي : مطلع عليهم وعليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية .


[10132]:في د: "فلا يستمعون خيرا".
[10133]:زيادة من ر.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَحَسِبُوَاْ أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمّواْ ثُمّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمّ عَمُواْ وَصَمّواْ كَثِيرٌ مّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } . .

يقول تعالى : وظنّ هؤلاء الإسرائيليون الين وصف تعالى ذكره صفتهم أنه أخذ ميثاقهم وأنه أرسل إليهم رسلاً ، وأنهم كانوا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسم كذّبوا فريقا وقتلوا فريقا ، أن لا يكون من الله لهم ابتلاء واختبار بالشدائد من العقوبات بما كانوا يفعلون . فَعَمُوا وصَمّوا يقول : فعموا عن الحقّ والوفاء بالميثاق الذي أخذته عليهم من إخلاص عبادتي ، والانتهاء إلى أمري ونهيي ، والعمل بطاعتي بحسبانهم ذلك وظنهم ، وصموا عنه . ثم تبت عليهم ، يقول : ثم هديتهم بلطف مني لهم ، حتى أنابوا ورجعوا عما كانوا عليهم من معاصيّ وخلاف أمري ، والعمل بما أكرهه منهم إلى العمل بما أحبه ، والانتهاء إلى طاعتي وأمري ونهيي . ثُمّ عَمُوا وصَمّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ يقول : ثم عموا أيضا عن الحقّ والوفاء بميثاقي الذي أخذته عليهم من العمل بطاعتي والانتهاء إلى أمري واجتناب معاصيّ ، وَصمّوا كَثِيرٌ منهم يقول : عمي كثير من هؤلاء الذين كنت أخذت ميثاقهم من بني إسرائيل باتباع رسلي والعمل بما أنزلت إليهم من كتبي عن الحقّ ، وصموا بعد توبتي عليهم واستنقاذي إياهم من الهلكة . وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ يقول : بصير فيرى أعمالهم خيرها وشرّها ، فيجازيهم يوم القيامة بجميعها ، إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ . . . الاَية ، يقول : حسب القوم أن لا يكون بلاء فعموا وصموا ، كلما عرض بلاء ابتلوا به هلكوا فيه .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمّوا يقول : حسبوا أن لا يبتلوا ، فعموا عن الحقّ وصمّوا .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن مبارك ، عن الحسن : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ قال بلاء .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : وَحَسِبُوا أنْ لا تكونَ فِتْنَةٌ قال : الشرك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وصَمّوا قال : اليهود .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج عن ابن جريج ، عن مجاهد : فَعَمُوا وَصَمّوا قال : يهود . قال ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، قال : هذه الاَية لبني إسرائيل . قال : والفتنة : البلاء والتمحيص .