ثم إنه ملأ لهم أوعيتهم كما أرادوا . وكأنه في المرة الأولى أبطأ في تجهيزهم ليتعرف أخبارهم{[42236]} في طول المدة من حيث لا يشعرون ، ولذلك لم يعطف بالفاء ، {[42237]} وأسرع في تجهيزهم في هذه المرة قصداً إلى انفراده بأخيه من غير رقيب بالحيلة التي دبرها ، فلذلك أتت الفاء{[42238]} في قوله : { فلما جهزهم } أي أعجل جهازهم{[42239]} وأحسنه { بجهازهم } ويؤيده { فلما جاء أمرنا{[42240]} }[ هود :66 و 82 ] في قصتي صالح ولوط عليهما الصلاة والسلام - كما مضى في سورة هود عليه الصلاة والسلام { جعل } أي بنفسه أو بمن أمره { السقاية } التي له . وهي إناء يسقي به { في رحل أخيه } شقيقه ، ليحتال بذلك على إبقائه{[42241]} عنده مع{[42242]} علمه بأن البصير لا يقضي بسرقته بذلك ، مع احتمال أن يكون الصواع دس في رحله بغير علمه كما فعل ببضاعتهم في المرة الأولى ، وأما غير البصير فضرر ثبوت ذلك في ذهنه مفتقر لأنه{[42243]} يسير{[42244]} بالنسبة إلى ما يترتب عليه من النفع من ألف إخوته بيوسف عليه الصلاة والسلام وزوال وحشتهم منه بإقامته عنده - كما سيأتي مع مزيد بيان - هذا مع تحقق البراءة عن قرب ، فهو من باب ارتكاب أخف الضررين ، ثم أمهلهم حتى{[42245]} انطلقوا ، ثم أرسل إليهم فحبسوا { ثم } أي بعد انطلاقهم وإمعانهم في السير { أذن } أي أعلم فيهم بالنداء { مؤذن } قائلاً{[42246]} برفيع صوته وإن كانوا في غاية القرب منه - بما دل عليه إسقاط الأداة : { أيتها العير } أي أهلها ، وأكد لما لهم من الإنكار { إنكم لسارقون * } أي ثابت لكم ذلك لا محالة حقيقة بما فعلتم في حق{[42247]} يوسف عليه الصلاة والسلام ، أو مجازاً بأنكم فاعلون فعل السارق - كما سيأتي بيانه آنفاً ، مع أن هذا النداء ليس من قول يوسف عليه الصلاة والسلام ، ويحتمل أن لا يكون بأمره حتى يحتاج إلى تصحيحه ، بل يكون قائله فهم ذلك{[42248]} من قوله عليه السلام : صواعي مع الركب ، أو كأنهم أخذوا صواعي فاذهب فآتني{[42236]} به أو بهم{[42237]} - ونحو ذلك مما هو حق في نفسه ؛ والعير : القافلة التي فيها الأحمال ، والأصل فيها الحمير ، ثم كثر حتى أطلق على كل قافلة تشبيهاً بها ، وقد تضمنت الآية البيان{[42251]} عما يوجبه التلطف في بلوغ المراد من إيقاع الأسباب التي تؤدي إليه{[42252]} وتبعث عليه{[42253]} بظاهر جميل وباطن حق مما يخفى على كثير من الناس موقعه ، ويشكل عليه وجهه ، لأنه أنفذ له وأنجح للمطلوب منه ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.