لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (24)

{ وقالوا } يعني منكري البعث . { ما هي إلا حياتنا الدنيا } يعني ما الحياة إلا حياتنا الدنيا { نموت ونحيا } يعني يموت الآباء ويحيا الأبناء . وقيل تقديره نحيا ونموت { وما يهلكنا إلا الدهر } يعني وما يفنينا إلا ممر الزمان واختلاف الليل والنهار { وما لهم بذلك من علم } يعني لم يقولوه عن علم علموه { إن هم إلا يظنون } ( ق ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار » وفي رواية «يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما » وفي رواية «يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار » ومعنى هذه الأحاديث أن العرب كان من شأنها ذم الدهر وسبه عند النوازل ؛ لأنهم كانوا ينسبون إلى الدهر ما يصيبهم من المصائب والمكاره فيقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر كما أخبر الله عز وجل عنهم بقوله { وما يهلكنا إلا الدهر } فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد وسبوا فاعلها كان مرجع سبهم إلى الله تعالى إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر فنهوا عن سب الدهر ، قيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك ، فإنه هو الله عز وجل والدهر متصرف فيه يقع به التأثير كما يقع بكم والله أعلم .