نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (24)

ولما كان التقدير للدلالة على الختم على مشاعرهم ، فقد قالوا مع اعترافهم بتفرده تعالى بخلقهم ورزقهم وخلق جميع الموجدات في إنكار الوحدانية : إن له شركاء{[58218]} ، عطف عليه قوله : { وقالوا } أي في إنكارهم البعث مع اعترافهم بأنه{[58219]} قادر على كل شيء ومعرفتهم أنه قد وعد بذلك في الأساليب المعجزة {[58220]}وأنه{[58221]} لا يليق بحكيم أصلاً أن يدع من تحت يده يتهارجون من غير حكم بينهم : { ما هي } أي الحياة{[58222]} { إلا حياتنا } أي أيها الناس { الدنيا } أي هذه التي نحن فيها{[58223]} مع أن تذكر مدلول هذا الوصف الذي هو أمر نسبي لا يعقل إلا بالإضافة{[58224]} إلى حياة أخرى بُعدى كافٍ{[58225]} في إثبات البعث .

ولما أثبتوا {[58226]}بادعائهم الباطل هذه{[58227]} الحياة أتبعوها حالها فقالوا : { نموت ونحيا } أي تنزع الروح من بعض-{[58228]} فيموت ، وتنفخ في بعض آخر فيحيى ، وليس وراء الموت حياة أخرى للذي مات ، {[58229]}فقد أسلخوا أنفسهم بهذا القول{[58230]} من الإنسانية إلى{[58231]} البهيمية لوقوفهم مع الجزئيات ، ولما كان هلاكهم في زعمهم لا آخر له ، عدوا الحياة {[58232]}في جنبه{[58233]} عدماً فلم يذكروها وقالوا بجهلهم{[58234]} : { وما يهلكنا } أي بعد هذه{[58235]} الحياة { إلا الدهر } أي الزمان الطويل بغلبته علينا بتجدد إقباله وتجدد إدبارنا بنزول الأمور المكروهة بنا ، من دهره - إذا غلبه . ولما{[58236]} أسند إليهم هذا القول الواهي ، بين حالهم عند قوله فقال تعالى : { وما } أي قالوه والحال أنه ما { لهم بذلك } أي القول البعيد من الصواب وهو أنه لا حياة بعد هذه ، وأن الهلاك منسوب إلى الدهر على أنه مؤثر بنفسه ، وأعرق في النفي فقال : { من علم } أي كثير ولا قليل { إن }{[58237]} أي ما { هم إلا يظنون * } {[58238]}بقرينة أن الإنسان كلما تقدم في السن ضعف ، وأنه لم يرجع أحد من الموتى{[58239]} .


[58218]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: شريكا.
[58219]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إنه.
[58220]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فإنه.
[58221]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فإنه.
[58222]:زيد في الأصل و م: الدنيا، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[58223]:في ظ و م ومد: بها.
[58224]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بدون الإضافة.
[58225]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كان.
[58226]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58227]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58228]:زيد من ظ و م ومد.
[58229]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فسلخوا بهذا القول أنفسهم.
[58230]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فسلخوا بهذا القول أنفسهم.
[58231]:زيد في الأصل: الحالة، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58232]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فمن حسه.
[58233]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فمن حسه.
[58234]:سقط من ظ و م ومد.
[58235]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ما إذا.
[58236]:زيد في الأصل و ظ: هم، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58237]:زيد في الأصل و ظ: إلى، ولم تكن الزيادة في م و مد فحذفناها.
[58238]:زيد في الأصل و ظ: أي، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58239]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: المولى.