غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (24)

1

ثم ذكر من أسباب الضلال سبباً آخر وهو إنكارهم البعث معتقدين أن لا حياة إلا هذه . وليس قولهم الدنيا تسلماً لثانية وإنما هو قول منهم على لسان المقرين وبزعمهم { نموت ونحيى } فيه تقديم وتأخير على أن الواو لا توجب الترتيب . وقيل : يموت الآباء وتحيا الأبناء وحياة الأبناء حياة الآباء ، أو يموت بعض ، ويحيا بعض ، أو أرادوا بكونهم أمواتاً حال كونهم نطفاً ، أو هو على مذهب أهل التناسخ أي يموت الرجل ثم تجعل روحه في بدن آخر . ثم إنهم لم يقنعوا بإنكار المعاد حتى ضموا إليه إنكار المبدأ قائلين { وما يهلكنا إلا الدهر } اعتقدوا أن تولد الأشخاص وكون الممتزجات وفسادها ليس إلا بسبب مزاوجات الكواكب . ولا حاجة في هذا الباب إلى مبدىء المبادئ فأجاب الله عن شبهتهم بقوله { وما لهم بذلك من علم } أي ليس لهم على ما قالوه دليل وإنما ذكروا ذلك ظناً تخميناً واستبعاداً فلا ينبغي للعاقل أن يلتفت إلى قولهم ، لأن الحجة قامت على نقيض ذلك ، وهي دليل المبدأ والمعاد المذكور مراراً وأطوراً .

/خ37