النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (24)

قوله عز وجل : { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا } وهذا القول منهم إنكار للآخرة وتكذيب بالبعث وإبطال للجزاء .

{ نَمُوتُ وَنَحْيَا } فيه وجهان :

أحدهما : أنه مقدم ومؤخر ، وتقديره : نحيا ونموت . وهي كذلك في قراءة ابن مسعود .

الثاني : أنه على ترتيبه ، وفي تأويله وجهان :

أحدهما : نموت نحن ويحيا أولادنا ، قاله الكلبي .

الثاني : يموت بعضنا ويحيا بعضنا .

{ وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : وما يهلكنا إلا العمر ، قاله قتادة . وأنشد قول الشاعر :

لكل أمر أتى يوماً له سبب *** والدهر فيه وفي تصريفه عجب

الثاني : وما يهلكنا إلا الزمان ، قاله مجاهد .

وروى أبو هريرة قال : كان أهل الجاهلية يقولون إنما يهلكنا الليل والنهار ، والذي يهلكنا يميتنا ويحيينا ، فنزلت هذه الآية .

الثالث : وما يهلكنا إلا الموت ، قاله قطرب ، وأنشد لأبي ذؤيب :

أمن المنون وريبها تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع

الرابع : وما يهلكنا إلا الله ، قاله عكرمة .

وروى الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رجال يقولون : يا خيبة الدهر ، يا بؤس الدهر ، لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل هو الدهر ، وإنه يقبض الأيام ويبسطها " .