{ إذا جاء نصر الله والفتح ( 1 ) ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ( 2 ) فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ( 3 ) }
روي أنها حين نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعيت إلي نفسي " . وقال في خطبته : " إن عبدا خيره الله تعالى بين الناس وبين لقائه ، فاختار لقاء الله تعالى " فقال أبو بكر : فديناك بأنفسنا وأموالنا ! وآبائنا وأولادنا ! ! . وفي ذكر حصول النصر والفتح ودخول الناس في الدين أفواجا دليل على حصول الكمال والتمام ، وذلك يعقبه الزوال والنقصان ، كما أن أمره صلى الله عليه وسلم بالتسبيح والحمد والاستغفار مطلقا واشتغاله بذلك لما كان مانعا له من اشتغاله بأمر الأمة كان كالتنبيه على أن أمر التبليغ قد تم وكمل ، وذلك يقتضي قرب انقضاء الأجل .
{ إذا جاء نصر الله } أي إذا حصل عون الله لك وللمؤمنين على أعدائك{ والفتح } أي فتوح مكة وغيرها من القرى ، وصيرتها بلاد إسلام .
سورة النصر مدنية ، وآياتها ثلاث ، نزلت بعد سورة التوبة ، وهذه السورة الكريمة من آخر ما نزل من القرآن . قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : نزلت سورة النصر بمِنى في حجة الوداع . ثم نزلت { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } ، فعاش بعدها النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين يوما .
قد فهم عدد من الصحابة الكرام أنها تنعى رسول الله ، وأنه قرب أجله . روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدر ، فإن بعضهم وجد في نفسه فقال : لِمَ تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟
فقال عمر : إنه مَن علمتم . فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم . فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح } ؟ فقال بعضهم : أمرنا بأن نحمد الله ونستغفره إذ نصرنا وفتح علينا . وسكت بعضهم فلم يقل شيئا .
فقال : هكذا تقول يا ابن عباس ؟ قلت : لا ، قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه ، فقال : { إذا جاء نصر الله والفتح } فذلك علامة أجلك { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } .
النصر : الإعانة والتأييد ، نصره : أعانه وأيّده .
الفتح : غَلَبة الأعداء وفتح البلاد ، والمراد به هنا فتح مكة .
إذا نصرك الله يا محمد على أعدائك ، وتحقَّقَ وعدُ الله بالنصر للمؤمنين وهزيمة المشركين ، وفَتَحَ الله لكم ديارَكم ودخلْتُم مكّة .
{ 1 - 3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }
في هذه السورة الكريمة ، بشارة وأمر لرسوله عند حصولها ، وإشارة وتنبيه على ما يترتب على ذلك .
وهي مدنية بإجماع ، وتسمى سورة " التوديع " . وهي ثلاث آيات . وهي آخر سورة نزلت جميعا ، قاله ابن عباس في صحيح مسلم .
النصر : العون مأخوذ من قولهم : قد نصر الغيث الأرض : إذا أعان على نباتها ، من قحطها . قال الشاعر{[16515]} :
إذا انسلخ الشهرُ الحرامُ فودِّعِي *** بلادَ تميم وانصري أرض عامِرِ
إذا دخل الشهر الحرام فجاوزِي *** بلادَ تميم وانصري أرض عامر
يقال : نصره على عدوه ينصره نصرا ، أي أعانه . والاسم النصرة ، واستنصره على عدوه : أي سأله أن ينصره عليه . وتناصروا : نصر بعضهم بعضا . ثم قيل : المراد بهذا النصر نصر الرسول على قريش . الطبري . وقيل : نصره على من قاتله من الكفار ، فإن عاقبة النصر كانت له . وأما الفتح فهو فتح مكة ، عن الحسن ومجاهد وغيرهما . وقال ابن عباس وسعيد بن جبير : هو فتح المدائن والقصور . وقيل : فتح سائر البلاد . وقيل : ما فتحه عليه من العلوم . و " إذا " بمعنى قد ، أي قد جاء نصر الله ؛ لأن نزولها بعد الفتح . ويمكن أن يكون معناه : إذا يجيئك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.