النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النصر

مدنية

بسم الله الرحمان الرحيم

قوله تعالى { إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفتحُ } أما النصر فهو المعونة ، مأخوذ من قولهم : قد نصر الغيث الأرض إذا أعان على نباتها ، ومنع من قحطها ، قال الشاعر{[3359]} :

إذا انسلَخَ الشهرُ الحرامُ فَودِّعي *** بلادَ تميمٍ وانْصُري أرضَ عامِرِ

وفي المعنيّ بهذا النصر قولان :

أحدهما : نصر الرسول على قريش ، قاله الطبري .

الثاني : نصره على كل من قاتله من أعدائه ، فإن عاقبة النصر كانت له .

وقيل : إذا جاء نصره بإظهاره إياك على أعدائك ، والفتح : فتحه مكة ، وقيل : المراد حين نصر الله المؤمنين وفتح مكة وسائر البلاد عليهم .

وإنما عبر عن الحصول بالمجيء تجوزاً للإشعار بأن المقدرات متوجهة حين الأزل إلى أوقاتها المعينة لها ، فتعرف منها شيئاً فشيئاً ، وقد قرب النصر من قوته فكان مترقباً لوروده ، مستعداً لشكره .

وفي هذا الفتح قولان :

أحدهما : فتح مكة ، قاله الحسن ومجاهد .

الثاني : فتح المدائن والقصور ، قاله ابن عباس وابن جبير .

وقيل : ما فتحه عليه من العلوم .


[3359]:هو الراعي النميري خاطب خيلا. اللسان – نصر.