بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النصر ، وهي ثلاث آيات ، مكية .

قوله تعالى : { إِذَا جَاء نَصْرُ الله } وروى عبد الملك بن سليمان قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : كان أناس من المهاجرين قد وجدوا عمر وفي إدنائه ابن عباس رضي الله عنهما دونهم ، وكان يسأله ، فقال عمر : أما إني سأريكم منه اليوم ما تعرفون به فضله ، فسأله عن هذه السورة { إِذَا جَاء نَصْرُ الله والفتح } قال بعضهم : أمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمده ويستغفره ، فقال لابن عباس : تكلم ، فقال : أعلمه الله متى يموت ، فقال : { إِذَا جَاء نَصْرُ الله والفتح } فهي آيتك من الموت . { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } ، قال مقاتل : لما نزلت هذه السورة قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فاستبشروا ، فسمع بذلك ابن عباس فبكى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«ما يبكيك » ، فقال : نعيت نفسك . فقال : «صَدَقْتَ » ، فعاش بعد هذه السورة سنتين . وروى أبو عبيد بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول : «سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمِدكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي » . وقال علي رضي الله عنه : لما نزلت هذه السورة مرض النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج إلى الناس فخطبهم وودعهم ، ثم دخل المنزل ، وتوفي بعد أيام . وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : { إِذَا جَاء نَصْرُ الله والفتح } يعني إذا أتاك نصر من الله تعالى على الأعداء من قريش وغيرهم ، { والفتح } يعني : فتح مكة والطائف وغيرها .