الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ} (1)

مقدمة السورة:

نزلت بمنى في حجة الوداع ، فتعد مدنية ، وهي آخر ما نزل من السور .

{ إِذَا جَاء } منصوب بسبح ، وهو لما يستقبل . والإعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوّة . روي أنها نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع .

فإن قلت : ما الفرق بين النصر والفتح حتى عطف عليه ؟ قلت : النصر الإغاثة والإظهار على العدوّ . ومنه : نصر الله الأرض غاثها . والفتح : فتح البلاد ، والمعنى نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على العرب أو على قريش وفتح مكة ، وقيل : جنس نصر الله للمؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم . وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب ، وأقام بها خمس عشرة ليلة ، ثم خرج إلى هوازن ، وحين دخلها وقف على باب الكعبة ، ثم قال : " لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده " ، ثم قال : " يا أهل مكة ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم » . قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان الله تعالى أمكنه من رقابهم عنوة ، وكانوا له فيئاً ، فلذلك سمى أهل مكة الطلقاء ، ثم بايعوه على الإسلام { فِى دِينِ الله } في ملة الإسلام التي لا دين له يضاف إليه غيرها { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } [ آل عمران : 85 ] . {