وتسمى سورة التوديع ، هي ثلاث آيات وهي مدنية بلا خلاف . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزل بالمدينة { إذا جاء نصر الله والفتح } . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : «هذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق بمنى ، وهو في حجة الوداع { إذا جاء نصر الله والفتح } حتى ختمها فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها الوداع » . وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال «لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعيت إليّ نفسي » . وأخرج ابن مردويه عنه قال : «لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعيت إليّ نفسي وقرب إليّ أجلي » . وأخرج النسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عنه أيضاً قال : «لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنزلت ، فأخذ في أشد ما كان قط اجتهاداً في أمر الآخرة » . وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أمّ حبيبة قالت «لما أنزل { إذا جاء نصر الله والفتح } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لم يبعث نبياً إلا عمَّر في أمته شطر ما عمر النبيّ الماضي قبله ، فإن عيسى ابن مريم كان أربعين سنة في بني إسرائيل ، وهذه لي عشرون سنة وأنا ميت في هذه السنة ، فبكت فاطمة فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : أنت أوّل أهلي بي لحوقاً ، فتبسمت » . وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : «لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وقال : إنه قد نعيت إليّ نفسي ، فبكت ثم ضحكت ، وقالت : أخبرني أنه نعيت إليه نفسه فبكيت ؟ فقال : اصبري فإنك أول أهلي لحاقاً بي فضحكت » . وقد تقدم في تفسير سورة الزلزلة أن هذه السورة تعدل ربع القرآن .
النصر : العون ، مأخوذ من قولهم : قد نصر الغيث الأرض : إذا أعان على نباتها ومنع من قحطها ، ومنه قول الشاعر :
إذا انصرف الشهر الحرام فودّعي *** بلاد تميم وانصري أرض عامر
يقال نصره على عدوه ينصره نصراً : إذا أعانه ، والاسم النصرة ، واستنصره على عدوه : إذا سأله أن ينصره عليه .
قال الواحدي : قال المفسرون : { إِذَا جَاء } ك يا محمد { نَصْرُ الله } على من عاداك ، وهم : قريش { والفتح } فتح مكة . وقيل : المراد نصره صلى الله عليه وسلم على قريش من غير تعيين . وقيل : نصره على من قاتله من الكفار . وقيل : هو فتح سائر البلاد . وقيل : هو ما فتحه الله عليه من العلوم ، وعبر عن حصول النصر والفتح بالمجيء للإيذان بأنهما متوجهان إليه صلى الله عليه وسلم . وقيل : «إذا » بمعنى قد . وقيل : بمعنى «إذ » . قال الرازي : الفرق بين النصر والفتح : أن الفتح هو تحصيل المطلوب الذي كان منغلقاً ، والنصر كالسبب للفتح ، فلهذا بدأ بذكر النصر وعطف عليه الفتح . أو يقال النصر كمال الدين ، والفتح إقبال الدنيا الذي هو تمام النعمة ؛ أو يقال : النصر الظفر ، والفتح الجنة ، هذا معنى كلامه . ويقال : الأمر أوضح من هذا وأظهر ، فإن النصر هو التأييد الذي يكون به قهر الأعداء وغلبهم ، والاستعلاء عليهم ، والفتح هو فتح مساكن الأعداء ، ودخول منازلهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.