صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

{ من محاريب } أي قصور ومساجد . جمع محراب ، وهو كل موضع مرتفع . ويطلق على مكان وقوف الإمام في المسجد . وعلى الغرفة التي يصعد إليها بدرج . وعلى أشرف بيوت الدار . { وتماثيل } أي صور للملائكة والأنبياء والصالحين من زجاج أو نحاس أو رخام ؛ تقام في المساجد ؛ ليراها الناس فيعبدوا الله وحده مثل عبادته . وكان اتخاذها في شريعته جائزا ؛ أما في شريعتا فمحرم ؛ سدا لذريعة التشبه بمتخذي الأصنام . { وجفان كالجواب } أي قصاع كبار كالحياض العظام . جمع جفنة وهي أعظم القصاع . وجابية وهي الحوض الضخم الذي يجبى فيه الماء للإبل أي يجمع ؛ ومنه جبيت الخراج جباية ، والماء في الحوض جبيا : جمعته . { وقدور } هي ما يطبخ فيها الطعام من فخار أو نحاس أو غيره . { راسيات } أي ثابتات على الأثافي {[282]} ، لا تحمل ولا تحرك لضخامتها وعظمها .

{ اعملوا آل داود } اعملوا يا آل داود بطاعة الله . { شكرا } له تعالى على ما خصكم به من النعم ، وعلى سائر خلقه . وحقيقة الشكر : الاعتراف بالنعمة للمنعم ، والثناء عليه لإنعامه ، واستعمال النعم في طاعته . و " شكرا " مفعول لأجله .


[282]:الأثافي: جمع أثفية – بضم الهمزة وتكسر – الحجر بوضع عليه القدر.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

وأعمالهم{[733]}  كل ما شاء سليمان ، عملوه .

{ مِنْ مَحَارِيبَ } وهو كل بناء يعقد ، وتحكم به الأبنية ، فهذا فيه ذكر الأبنية الفخمة ، { وَتَمَاثِيلَ } أي : صور الحيوانات والجمادات ، من إتقان صنعتهم ، وقدرتهم على ذلك وعملهم لسليمان { وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ } أي : كالبرك الكبار ، يعملونها لسليمان للطعام ، لأنه يحتاج إلى ما لا يحتاج إليه غيره ، " و " يعملون له قدورا راسيات لا تزول عن أماكنها ، من عظمها .

فلما ذكر منته عليهم ، أمرهم بشكرها فقال : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ } وهم داود ، وأولاده ، وأهله ، لأن المنة على الجميع ، وكثير من هذه المصالح عائد لكلهم . { شُكْرًا } للّه على ما أعطاهم ، ومقابلة لما أولاهم . { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } فأكثرهم ، لم يشكروا اللّه تعالى على ما أولاهم من نعمه ، ودفع عنهم من النقم .

والشكر : اعتراف القلب بمنة اللّه تعالى ، وتلقيها افتقارا إليها ، وصرفها في طاعة اللّه تعالى ، وصونها عن صرفها في المعصية .


[733]:- كذا في ب، وفي أ: وأعماله.