مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن محاريب } أي مساجد أو مساكن { وتماثيل } أي صور السباع والطيور . وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما وكان التصوير مباحاً حينئذ { وَجِفَانٍ } جمع جفنة { كالجواب } جمع جابية وهي الحياض الكبار . قيل : كان يقعد على الجفنة ألف رجل . { كالجوابي } في الوصل والوقف : مكي ويعقوب وسهل ، وافق أبو عمرو في الوصل ، الباقون بغير ياء اكتفاء بالكسرة { وَقُدُورٍ راسيات } ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها . وقيل : إنها باقية باليمن وقلنا لهم { اعملوا ءالَ دَاوُودَ شاكرا } أي ارحموا أهل البلاد واسألوا ربكم العافية عن الفضل و { شاكرا } مفعول له أو حال أي شاكرين أو اشكروا شكراً لأن { اعملوا } فيه معنى اشكروا من حيث إن العمل للمنعم شكر له أو مفعول به يعني إنا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا أنتم شكراً ، وسئل الجنيد عن الشكر فقال : بذل المجهود بين يدي المعبود { وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ } بسكون الياء : حمزة وغيره بفتحها { الشكور } المتوفر على أداء الشكر الباذل وسعه فيه قد شغل به قلبه ولسانه وجوارحه اعتقاداً واعترافاً وكدحاً . وعن ابن عباس رضي الله عنه : من يشكر على أحواله كلها . وقيل : من يشكر على الشكر . وقيل : من يرى عجزه عن الشكر . وحكي عن داود عليه السلام أنه جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي .