فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

{ ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير 12 يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور 13 }

وذلل الله تعالى الجن ، ومكن سليمان من التسلط عليهم وإخضاعهم بأمر العزيز الوهاب- تبارك اسمه- ومن يتمرد من الجن أو يخرج على ما كلف به من العمل فإن الله المهيمن يعذبه عذابا نكرا . ووجههم سليمان عليه السلام إلى التعمير في البر والبحر ، كما تشير الآية الكريمة : )والشياطين كل بناء وغواص( {[3731]}فهم يبنون المساجد ، والمجالس المشرفة ، والمساكن المشيدة ، والتماثيل- ولم تكن حرمت في تلك الشريعة ، أو كانت لما لا روح له أصلا-

وجفان وأوان للطعام ، قال بعض اللغويين : الجفنة أعظم القصاع ، ويليها القصعة وهي ما تشبع العشرة ، ويليها الصحفة وهي ما تشبع الخمسة ويليها المنكلة وهي ما تشبع الاثنين والثلاثة ، ويليها الصحيفة وهي ما تشبع الواحد . { كالجواب } أي الحياض العظيمة- جمع جابية-{ وقدور } آنية الطبخ{ راسيات } ثابتات على الأثافي- حجارة الموقد- لا تنزل عنها لسعتها وثقلها ، فاعملوا يا آل داود عمل الشاكرين . [ . . إنا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا أنتم شكرا ، قلت : وفي لفظ العمل إشارة إلى أن الشكر اللساني غير كاف ، وإنما المعتبر الشكر الفعلي ، أو هو مع القولي ، يروى أن داود عليه السلام جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلا وإنسان قائم يصلي ]{[3732]} ، وقليل من عباد الله من يتوفر على الشكر ويبذل فيه الوسع باللسان والقلب والجوارح في أكثر الأوقات .


[3731]:سورة ص. الآية 37.
[3732]:مما أورد صاحب غرائب القرآن.