تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

الآية 13 وقوله تعالى : { يعملون له ما يشاء من محاريب } قال بعضهم : المحاريب ، هي المساجد . وقال بعضهم : هي القصور . والمحاريب هي أشرف المواضع ، ذكرنا كناية{[16945]} عن غيرها ، والله أعلم /434-ب/ .

وقوله تعالى : { وتماثيل } قال بعضهم : هي التماثيل كهيئة تماثيل الرجال ، يصوّرون في المساجد تماثيل الرجال العبّاد والملائكة والنبيّين والرجال المتواضعين لكي إذا رآهم الناس صورا عبدوا عبادتهم ، وتشبّهوا بهم ، أو تكون تماثيل لا رأس لها نحو الأواني والكيزان ونحوها ، أو تكون التماثيل يومئذ غير منهيّ العمل بها .

فأما اليوم فقد نُهوا عن العمل بها مخافة أن يدعو ذلك إلى عبادة غير الله .

ولذلك غرّ إبليس قوما حتى عبدوا الأصنام . وإلا ليس من الأصنام ولا فيها ما يغترّ به المرء على عبادته ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وجِفانٍ كالجواب } قال بعضهم : أي قِصاع كالجواب كهيئة حياض الإبل حتى يجلس على القصعة الواحدة ألف وزيادة ، يأكلون منها . وقال بعضهم { وجِفانٍ كالجواب } أي كالجَوَبة من الأرض التي تُحفر للماء ، يصف عِظم ذلك ، ففيه أنهم كانوا يجتمعون في الأكل ، لا ينفردون به .

وقوله تعالى : { وقُدورٍ راسيات } أي كانوا يتخذون له قدورا عظاما في الجبال التي لا تحرّك من مكانها{[16946]} { راسيات } أي ثابتات كما ذكر . والجبال الرواسي أي الثوابت . وقال بعضهم : { وقدور راسيات } هي القدور العظام التي أُفرغت إفراغا وأُكفئت لعظمها إكفاء ، وهما واحد ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { اعملوا آل داود شكرا } قال بعضهم : أي اعملوا لآل داود شكرا لأنه ذُكر أنه ليس من زمان في ليل ونهار إلا ويكون من آل داوود [ صائم بالنهار ومُصلٍّ ]{[16947]} بالليل أو كلام نحوه ، فأُمروا بالشكر لهم . وقال بعضهم : كأنه قال : اعملوا يا آل داوود شكرا لما أعطيتكم من المُلك والفضل : { وقليل من عبادي الشكور } أي قليل من عبادي المؤمن{[16948]} والشكور كناية عن المؤمن على ما ذكرنا من قوله : { إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور } [ إبراهيم : 5 ] أي لكل مؤمن ، والله أعلم .


[16945]:في الأصل وم: مكان.
[16946]:في الأصل وم: مكان.
[16947]:في الأصل وم: صائما بالنهار ومصليا بالليل.
[16948]:في الأصل وم: المؤمنين.