صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ} (11)

{ ثم استوى إلى السماء } أي قصد إلى خلقها وإيجادها . وظاهر هذه الآية وآية " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى السماء فسواهن سبع سموات " {[300]} يدل على تقدم خلق الأرض وما فيها على خلق السماء وما فيها ؛ وإليه ذهب جمهور المفسرين . وقيل : إن خلق السماء متقدم

على خلق الأرض ؛ أخذا بظاهر قوله تعالى في سورة النازعات : " والأرض بعد ذلك دحاها " أي بسطها . ووفق بعضهم بين ظواهر الآيات ؛ كما روي عن ابن عباس بأن الله خلق الأرض قبل خلق السماء ، ثم خلق السماء ثم دحا الأرض بعد ذلك . واعترض عليه بأن آية البقرة صريحة في خلق ما في الأرض قبل خلق السموات ، ومعلوم أن خلق ما فيها إنما هو بعد الدحو ؛ فكيف يكون الدحو متأخرا عن خلق السموات ! ؟ ولذلك رجح الجمهور القول الأول ، وأولوا قوله تعالى : " والأرض بعد ذلك دحاها " بما سيأتي بيانه في تفسيرها بمشيئته تعالى .

{ فقال لها وللأرض ائتيا . . . } أخرجا ما خلقت فيكما من المنافع لمصالح العباد . { قالتا أتينا طائعين } فعلنا ما أمرتنا به منقادين ؛ وهو تصوير لانفعالهما بالقدرة الإلهية .


[300]:آية 29 البقرة.