لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ} (11)

{ ثم استوى إلى السماء } أي عمد إلى خلق السماء { وهي دخان } ذلك الدخان كان بخار الماء ، قيل كان العرش قبل خلق السماوات والأرض على الماء فلما أراد الله تعالى أن يخلق السماوات والأرض أمر الريح فضربت الماء فارتفع منه بخار كالدخان فخلق منه السماء ثم أيبس الماء فخلقه أرضاً واحدة ثم فتقها فجعلها سبعاً .

فإن قلت هذه الآية مشعرة بأن خلق الأرض كان قبل خلق السماء وقوله { والأرض بعد ذلك دحاها } مشعر بأن خلق الأرض بعد خلق السماء فكيف الجمع بينهما .

قلت الجواب المشهور أنه تعالى خلق الأرض أولا ثم خلق السماء بعدها ثم بعد خلق السماء دحا الأرض ومدها .

وجواب آخر وهو أن يقال إن خلق السماء مقدم على خلق الأرض فعلى هذا يكون معنى الآية خلق الأرض في يومين ، وليس الخلق عبارة عن الإيجاد والتكوين فقط بل هو عبارة عن التقدير أيضا فيكون المعنى قضى أن يحدث الأرض في يومين بعد إحداث السماء فعلى هذا يزول الإشكال والله أعلم بالحقيقة{ فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها } أي ائتيا ما أمرتكما به أي افعلاه وقيل افعلا ما أمرتكما طوعا وإلا ألجأتكما إلى ذلك حتى تفعلاه كرها فأجابتا بالطوع{ قالتا أتينا طائعين } معناه أتينا بما فينا طائعين فلما وصفهما بالقول أجراهما في الجمع مجرى من يعقل .

قيل قال الله تعالى لهما أخرجا ما خلقت فيكما من المنافع لمصالح العباد أما أنت يا سماء فأطلعي شمسك وقمرك ونجومك وأنت يا أرض فشقي أنهارك وأخرجي ثمرك ونباتك .