الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ وَيَتۡلُوهُ شَاهِدٞ مِّنۡهُ وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةًۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۚ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ مِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ فَٱلنَّارُ مَوۡعِدُهُۥۚ فَلَا تَكُ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُۚ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ} (17)

قوله : { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه } إلى قوله { لا يومنون }[ 17 ] .

والمعنى : أفمن كان على بينة من ربه ، كالذي يريد الحياة الدنيا وزينتها ، وهو {[32041]} النبي صلى الله عليه وسلم {[32042]} .

والهاء في ( ربه ) تعود عليه {[32043]} . قال ذلك قتادة . وعكرمة ، والنخعي {[32044]} .

وقوله : { ويتلوه شاهد } {[32045]} : أي : ويتلو {[32046]} محمدا شاهد منه : أي : من الله ، وهو القرآن {[32047]} .

وقيل : المعنى : ويتلو القرآن شاهدا منه ، أي : من محمد . وهو لسانه ، أي : يقرأه : وهو قول الحسن ، ومعمر {[32048]} .

ويجوز أن تكون الهاء في ويتلوه للبينة {[32049]} ، لأنها بمعنى {[32050]} البيان .

وقال ابن عباس : { شاهد منه } : هو جبريل عليه السلام ، يتلو القرآن من عند الله عز وجل ، على محمد صلى الله عليه وسلم {[32051]} .

وقال مجاهد : هو ملك مع النبي صلى الله عليه وسلم {[32052]} ، يحفظه من عند الله سبحانه {[32053]} {[32054]} .

وقيل : إن قوله { أفمن كان على بينة من ربه }[ 17 ] ، يعني : به النبي صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنين {[32055]} . ودل {[32056]} على ذلك قوله : { أولئك يومنون به } {[32057]} .

وقيل : المعنى : ويتلوه شاهد من الله عز وجل ، والشاهد {[32058]} : الإنجيل ، ويتلوه القرآن بالتصديق {[32059]} .

{ ومن قبله كتاب موسى }[ 17 ] ، أي ومن قبل الإنجيل التوراة {[32060]} .

وقال الزجاج : المعنى : ويتلوه من قبله كتاب موسى ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في التوراة {[32061]} والإنجيل {[32062]} .

وحكى أبو حاتم : ( ومن قبله كتاب موسى ) بالنصب {[32063]} ، على العطف على الهاء في ( يتلوه ) . أي : ويتلو كتاب موسى جبريل ، فهو من التلاوة التي هي القراءة ، وكذلك قال {[32064]} ابن عباس ، قال : ( الشاهد ) : جبريل {[32065]} ، و( منه ) : من الله عز وجل . و( من قبله ) تلى جبريل كتاب موسى على موسى صلى الله عليه وسلم {[32066]} . ويجوز الرفع في { كتاب } على هذا المعنى ، كما تقول : رأيت أخاك ، وأباك {[32067]} : أي : وأباك كذلك . فيكون المعنى : ومن قبله كتاب موسى كذلك : أي : تلاه جبريل على موسى ، كما تلى على محمد عليهم السلام .

والمعنى : أفمن كان على هذه الحال ، كمن هو في الضلالة {[32068]} ، والعمى {[32069]} . واختار قوم أن يكون المعنى : أن الشاهد القرآن {[32070]} ، يتلوه {[32071]} محمد {[32072]} ، أي : بعده شاهدا له . ودل على ذلك قوله : { ومن قبله كتاب موسى } .

قال ابن عباس : الشاهد جبريل {[32073]} .

قال مجاهد : الشاهد حافظ من الله عز وجل ، يحفظ محمدا : أي : ملك {[32074]} .

فالهاء في ( منه ) تعود على الله ، سبحانه ، في هذين القولين .

وقيل : ( الشاهد ) : لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، والهاء تعود على محمد قاله الحسن {[32075]} .

وقيل : الشاهد هو {[32076]} إعجاز القرآن ، والهاء في ( منه ) للقرآن {[32077]} . والهاء في { يومنون به } للقرآن {[32078]} .

قيل : الشاهد هو إعجاز القرآن ، والهاء في ( منه ) للقرآن والهاء في { يومنون به } للقرآن ، وقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم {[32079]} .

ثم قال تعالى : { أولئك يومنون به }[ 17 ] : أي : من هذه صفته ، يؤمن {[32080]} بالقرآن ، وإن كفر به هؤلاء الذين قالوا : إن محمدا افتراه {[32081]} .

ثم قال : { ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده }[ 17 ] يعني {[32082]} : من مشركي {[32083]} العرب وغيرهم {[32084]} ، ممن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة ، من كفر بمحمد ، فالنار موعده يهوديا ، كان أو نصرانيا ، أو غير ذلك .

ثم قال : { فلا تك في مرية منه }[ 17 ] هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم {[32085]} ، والمراد : أمته {[32086]} ، { إنه الحق من ربك }[ 17 ] أي : القرآن حق من عند الله عز وجل ، فلا تكونوا أيها المؤمنون في شك من ذلك .

{ ولكن الناس لا يومنون }[ 17 ] أي : ( لا تصدقون {[32087]} ، بأن ذلك كذلك ) {[32088]} .

{ شاهد {[32089]} منه } : وقف عند نافع على معنى : ويتلو {[32090]} القرآن شاهد من الله ، وهو جبريل {[32091]} .

{ يومنون به } : وقف {[32092]} ، وكذلك : { فالنار موعده ) {[32093]} ، وكذلك { فلا تك في مرية منه } {[32094]} .


[32041]:ط: صم.
[32042]:انظر هذا المعنى في: تأويل مشكل القرآن، وجامع البيان 15/269-271.
[32043]:ط: مطموس.
[32044]:انظر هذه الأقوال في: جامع البيان 15/270-272.
[32045]:ساقط من ط.
[32046]:ط: يتنوا.
[32047]:انظر تأويل مشكل القرآن 395.
[32048]:هو أبو معمر عبد الله بن عمر بن الحجاج. وانظر هذين القولين في: جامع البيان 15/270.
[32049]:ط: البينة.
[32050]:ق: المعنى.
[32051]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/273، وإعراب النحاس 2/276 ولم ينبه عليه في تأويل مشكل القرآن 395.
[32052]:ط: صم.
[32053]:ساقط من ق.
[32054]:انظر هذا القول في: تفسير مجاهد 386، وجامع البيان 15/275، والمحرر 9/120.
[32055]:وهو قول علي، والحسن، وقتادة، ومجاهد، والضحاك في: المحرر 9/119-120.
[32056]:ق: فدل.
[32057]:وهو قول الزجاج في: معانيه 3/43.
[32058]:ق: وشاهد.
[32059]:وهو قول الفراء في: معانيه 2/6، وانظر: إعراب النحاس 2/276.
[32060]:انظر المحرر 9/123.
[32061]:ق: بالتوراة.
[32062]:انظر: معاني الزجاج 3/44، وإعراب النحاس 2/276.
[32063]:وهي قراءة الكلبي، كما في: إعراب النحاس 5/276، ولم ينسبها في جامع البيان 15/276.
[32064]:ساقط من ط.
[32065]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/274-275، وإعراب النحاس 2/276، وعزاه في المحرر 9/120 إلى النخعي، ومجاهد، والضحاك، وأبي صالح وعكرمة، ولم ينسبه في تأويل مشكل القرآن 395.
[32066]:وهو قول ابن عباس في: الجامع 9/13.
[32067]:ط: وأبوك.
[32068]:ق: ضلالة.
[32069]:ط: والعطاء.
[32070]:وهو قول الحسين بن الفضل في: الجامع 9/13.
[32071]:ساقط من ق.
[32072]:ط: صم.
[32073]:انظر: الهامش 3 في هذه الصفحة.
[32074]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/275.
[32075]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/270، ولم ينسبه الزجاج في معانيه 3/43.
[32076]:ساقط من ط.
[32077]:وهو قول الفراء في: معانيه 2/6.
[32078]:انظر: الجامع 9/13.
[32079]:انظر المصدر السابق.
[32080]:ق: يؤمنون.
[32081]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/278.
[32082]:ق: ويعني.
[32083]:ساقط من ق.
[32084]:انظر هذا القول في: تأويل مشكل القرآن 396.
[32085]:ط: صم.
[32086]:ط: منه.
[32087]:ط: مطموس.
[32088]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/279.
[32089]:ما بين القوسين ساقط من ط.
[32090]:ط: مطموس.
[32091]:وهو أيضا قول أحمد بن جعفر في: القطع 385، وفي المكتفى 314: إنه وقف كاف.
[32092]:وهو وقف كاف عند النحاس، والداني. انظر: القطع 385، والمكتفى 314. وتام عند أبي يحيى في المقصد 45.
[32093]:انظر هذا الوقف كافيا في: القطع 385، والمقصد 45.
[32094]:وهو وقف صالح عند النحاس في: القطع 385.