الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا} (49)

ثم قال : [ تعالى ] {[42938]} : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه } [ 48 ] .

في هذا الكلام اختصار وحذف . والتقدير ووضع الكتاب الذي فيه عمل [ كل ] {[42939]} امرئ أي وضع الكتاب في يد كل امرئ في يمينه أو في شماله {[42940]} .

{ فترى المجرمين مشفقين مما فيه } [ 48 ] .

أي : ترى المشركين [ بالله ] {[42941]} . خائفين وجلين مما فيه من أعمالهم السيئة { ويقولون يا وليلتنا } [ 48 ] أي يقولون إذا قرءوا كتاب أعمالهم ورأوا ما كتب عليهم من كبائر ذنوبهم ومغائرها { ياويلتنا } [ 48 ] دعوا بالويل لما أيقنوا بالعذاب .

وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لكعب : ويحك يا كعب حدثنا من حديث {[42942]} يوم القيامة ، فقال : نعم يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ ، فلا يبقى أحد إلا وهو ينظر إلى عمله فيه . ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد فتنشر حول العرش فذلك قوله : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا {[42943]} الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } لما رأوا {[42944]} ما رأوا ولم يقدروا أن ينكروا منها شيئا {[42945]} .

قال : قتادة : اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء ولم يشتك أحد {[42946]} منهم ظلما ، فإياكم والمحقرات {[42947]} من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه {[42948]} .

وروي عن ابن عباس أن الصغيرة التبسم ، والكبيرة {[42949]} الضحك {[42950]} . وقيل الصغيرة ما دون الشرك والكبيرة الشرك {[42951]} .

وقوله : { إلا أحصاها } [ 48 ] أي إلا حفظها الكتاب وأثبتت {[42952]} فيه {[42953]} . وقال : أحصاها على معنى أحصاهما ، وعلى معنى/ أحصى كل واحد منهما . وقيل المعنى : لا يغادر صغيرة إلا أحصاها ولا كبيرة إلا أحصاها ، لكن حذفت إحدى الجملتين لدلالة الأخرى عليها اختصارا وإ[ ي ]جازا {[42954]} .

ثم قال : { ووجدوا ما عملوا حاضرا } [ 48 ] .

أي : ما عملوا في الدنيا من عمل حاضرا في كتابهم مكتوبا مبينا {[42955]} .

{ ولا يظلم ربك أحدا } [ 48 ] .

أي : لا يجازي {[42956]} ربك يا محمد أحدا بغير ما هو أهله ، أي لا يجازي بالإحسان إلا أهل الإحسان ، ولا بالسيئات {[42957]} إلا أهل السيئة {[42958]} . وتحقيقه : لا يضع ربك العقوبة إلا في موضعها لأن الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه {[42959]} .


[42938]:ساقط من ط.
[42939]:ساقط من ق.
[42940]:انظر هذا القول في جامع البيان 15/258، ومعاني الزجاج 3/293.
[42941]:ساقط من ط.
[42942]:ق: بحديث.
[42943]:ق: "مال هذا".
[42944]:ق: "لهم ما اوا".
[42945]:انظر هذا الأثر في الجامع 10/272.
[42946]:ط: أحدهم.
[42947]:ق: المحرقات.
[42948]:انظر قوله في الجامع 10/272، والدر 5/401.
[42949]:ق: الكثيرة.
[42950]:انظر قوله في جامع البيان 15/258، والجامع 10/172، والدر 5/401.
[42951]:وهو قول السدي، انظر الجامع 10/272.
[42952]:ق: "أتيت".
[42953]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/258.
[42954]:ساقط من ق.
[42955]:ساقط من ق.
[42956]:ق : "لا يجازا".
[42957]:ط : "بالسيئة".
[42958]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/259.
[42959]:وهو قول الزجاج، انظر معاني الزجاج 3/293.