الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (107)

قوله : ( أَلَمْ نَعْلَمَ اَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( اَلَمْ تَعْلَمْ اَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ ) [ 105-106 ] .

معناه أن النبي [ عليه السلام ]( {[3466]} ) قد كان عالماً بذلك فضلاً من الله عليه ، فخرج هذا الكلام مخرج التقرير على عادة( {[3467]} ) العرب . تقول العرب للرجل : " ألم أكرمك ، ألم أفضل عليك " يخبره( {[3468]} ) بذلك ، وينبهه عليه ، وهو عالم به . قد علمت ذلك ، فكذلك هذا .

ومعناه : قد علمت يا محمد أن الله على كل شيء قدير وعلمت أن الله له ملك السماوات والأرض( {[3469]} ) .

وقال الطبري( {[3470]} ) : " حرف الاستفهام في هذا داخل لمعنى( {[3471]} ) الاستثبات( {[3472]} ) والتنبيه لأصحاب النبي [ عليه السلام ]( {[3473]} ) الذين قيل لهم : لا تقولوا راعنا( {[3474]} ) . ويدل على صحة ذلك قوله بعد ذلك : ( وَمَالَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ ) ، فأتى بلفظ( {[3475]} )/ الجماعة . وقد قال تعالى( {[3476]} ) : ( يَأَيُّهَا النَّبِي ) ، ثم قال( {[3477]} ) : ( إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ )( {[3478]} ) . وقال : ( يَأَيُّهَا النَّبِيءُ اتَّقِ اللَّهَ )( {[3479]} ) . ثم قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً )( {[3480]} )( {[3481]} )( {[3482]} ) .

ومعنى ذلك : " أَلَمْ تعلموا أن الله قادر على تعويض ما ينسخ من أحكامه وفرائضه للتخفيف( {[3483]} ) عليكم أو لزيادة أجر لكم " . وهذا كله إنما هو تنبيه لليهود على أن أحكام التوراة جائز أن [ تُنسخ على يدي ]( {[3484]} ) نبي ، أو بكتاب آخر لأنهم أنكروا ما أتى به صلى الله عليه وسلم مما ليس في التوراة ، فنبهوا على أن التوراة( {[3485]} ) يجوز نسخها( {[3486]} ) على لسان نبي/ غير موسى كما كانت التوراة ناسخة( {[3487]} ) لما تقدمها من الكتب( {[3488]} ) . ومعنى " يَنسخ( {[3489]} ) بعض كتب( {[3490]} ) الله بعضاً " : أنه إنما ينسخ بعضها بعضاً في الشرائع لا غير ، كما قال : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً )( {[3491]} ) . فالدين( {[3492]} ) في الكتب كلها واحد وهو التوحيد ، وهو دين الإسلام . والشرائعختلفة يتعبد/ الله جل ذكره أهل كل كتاب بما شاء وبما أراد لا معقب لحكمه لا إله إلا هو .


[3466]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[3467]:- في ع3: عادات.
[3468]:- في ع3: بخيره. وهوتصحيف.
[3469]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 2/484-485.
[3470]:- سقط من ع3.
[3471]:- في ق: بمعنى. وفي ع3: المعنى.
[3472]:- في ع2 الاستتابة. وهو تحريف.
[3473]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[3474]:- سقط من ع3.
[3475]:- في ع2، ع3: بخطاب.
[3476]:- في ع2: تعالى ثم قال.
[3477]:- سقط من ع3.
[3478]:- الطلاق آية 1.
[3479]:- الأحزاب آية 1.
[3480]:- الأحزاب آية 1.
[3481]:- في ع2: خبير. وهو خطأ.
[3482]:- انظر: جامع البيان 2/485.
[3483]:- في ع1، ح: لتخفيف. وفي ع2، ع3: بخفيف.
[3484]:- في ع3: ينتسخ على يد.
[3485]:- قوله: "فنبهوا على أن التوراة" ساقط من ق.
[3486]:- في ق: ننسخها. وهو تحريف.
[3487]:- في ع3: ناسخه. وهو تحريف.
[3488]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 2/448.
[3489]:- في ع1، ع2، ح: تنسخ، وفي ع3: نتسخ.
[3490]:- في ع3: كتاب. وهو تحريف.
[3491]:- المائدة آية 50.
[3492]:- في ع2، ع3: فالذين. وهو تصحيف.